.................................................................................................
__________________
وفيه : أنّ كون الرجل أمينا معناه : أنّ كونه أمينا واقعا دعا الناس إلى أن يجعلوا أموالهم أمانة عنده. وهذا الداعي موجود في كلتا صورتي صحة العقد وفساده ، لأنّ إمضاء الشارع لا دخل له في الرضا بكون المال أمانة عند الأمين. بل بعد البناء على أمانته يرضى بجعل المال عنده وديعة سواء أمضاها الشارع أم لا. بل الرضا مقيّد بالأمانة المحرزة بالفرض.
نعم إن كان الموجب لفساد الوديعة اختلال ما هو مقوّم لمفهومها عرفا ـ لا اختلال ما هو شرط لصحّتها شرعا ـ كانت دعوى تقيّد الوديعة بالرضا في محلّها ، حيث إنّ الرضا تعلّق عرفا بالوديعة ، والمفروض عدم تحققها ، فلا موضوع للاستيمان ، فتأمّل.
ثالثها : «أن يراد به أنّه بعد اتّخاذه أمينا لا يكون ضامنا بالتلف السماويّ ، من غير إفراط وتفريط ، فيأتي فيه الاشكال المتقدم».
والفرق بينه وبين سابقه : إنّ هذا الوجه راجع الى الحكم الواقعي ، وهو أنّ التلف من غير إفراط وتفريط ـ لا يوجب الضمان. والوجه السابق راجع الى الحكم الظاهري ، وهو عدم الضمان مع قيام البيّنة. وغرضه من الاشكال المتقدم هو أنّ الاتّخاذ أمينا لا يصدق مع فساد عقد الوديعة.
وفيه ما تقدّم من : أنّ الاتخاذ أمينا لا يتوقّف على صحّة العقد ، بل يتوقّف على أمانته واقعا ، وأن لا يكون العلم بأمانته جهلا مركّبا. وأمّا حكم الشارع بصحّة العقد فليس مقوّما لاتّخاذه أمينا.
رابعها : «أن يكون المراد أنّه بعد ما كان أمينا واقعا لا يضمن. ومقتضى التعليل : أن لا يضمن الأمين بالتلف السماوي مطلقا ، ويضمن غير الأمين. ففي المقبوض بالعقد الفاسد مثلا إذا كان القابض أمينا ثقة لا يضمن ، بخلاف غير الأمين».
والظاهر أنّ غرضه أخصيّة هذه الرواية من المدّعى ، لأنّها تدلّ على عدم ضمان الأمين ، فالمقبوض بالعقد الفاسد غير مضمون على القابض إن كان أمينا ، ومضمون عليه