إلّا أن يقيّد (١) بغيرها (٢) بأدلّة نفي الضرر (*).
______________________________________________________
على المشتري ، فينفى وجوب بذل المال الكثير عنه. بل مقتضى حكومة قاعدة الضرر نفي وجوب بذل المال وإن كان يسيرا ، إلّا إذا كان بمثابة لا يصدق عليه الضرر.
(١) التعبير بالتقييد دون الحكومة ـ مع أنّ مبناه حكومة دليل نفي الضرر على أدلّة الأحكام الأوليّة ـ مسامحة ، ولعلّه لأجل أنّ الحكومة قد تخصّص العامّ وتقيّد المطلق ، وقد تعمّم ، فالتعبير بالتقييد مبنيّ على ملاحظة نتيجة الجمع بين الدليلين.
(٢) أي : بغير المئونة الكثيرة ، وهذا الغير هو المئونة المتعارفة أو ما دونها.
__________________
(*) لم يظهر وجه لكون المئونة على القابض ، لأنّ الرّدّ لا يتوقف غالبا على بذل مال حتى يقال : إنّ الزائد على ما يقتضيه طبع الرّدّ من بذل المال على المالك ، بل تمامه يكون على المالك ، لقاعدة نفي الضرر. ولو كان الرّدّ بذاته وطبعه متوقّفا على مئونة لم تكن منفكّة عن مصاديقه ، هذا.
مضافا إلى : أنّ حرمة الإمساك لا تستلزم وجوب الرّدّ ، لعدم الملازمة بين حرمة الضدّ ووجوب ضدّه. وكذا وجوب نقيض الإمساك لا يدلّ على وجوب الرّدّ ، لما قرّر في الأصول.
مع أنّه على القول به ـ لرفع اليد عن المبنى الأصولي ـ يمكن القول بعدم وجوب الرّدّ أيضا ، لأنّه متقوّم برفع يد الدافع وإثبات يد القابض ، والرّفع مقدّم على الإثبات دائما ، فيتصف هو بالوجوب ، دون ما تأخّر عنه.
لكن فيه ما لا يخفى ، لأنّ الرّدّ ليس مركّبا من الرّفع والإثبات ، بل هو عبارة عن الإيصال إلى المالك ، والإثبات منتزع عنه. وأمّا مراد الشيخ الأعظم قدسسره من الاستدلال على وجوب الرّدّ بحرمة الإمساك فليس مبنيّا على اقتضاء حرمة الضّدّ لوجوب ضدّه ، بل على فهم العرف من مثل قوله : «يحرم عليك إمساك مال الناس» لزوم الرّدّ إلى المالك ، سيّما بملاحظة تعليل لزوم ردّ الأمانات إلى أهلها بأنّه «لا يحل دم امرء مسلم ولا ماله إلّا بطيبة نفسه».