.................................................................................................
__________________
بالأكل كالعقاقير ، فإنّ ترتّب خواصّها وما هو مناط ماليّتها منوط بإعدامها.
وكيف كان فالظاهر من الضمان في الحديث الضمان المعاوضيّ ، بقرينة الباء في «بالضمان» الظاهرة في السببيّة أو المقابلة ، ومقتضاهما السببيّة والمقابلة من الطرفين ، بمعنى : كون تملّك المنافع داعيا إلى الضمان والتعهّد بالعوض ، فلحاظ تملك المنافع علّة غائيّة للضمان أي بذل العوض ، فالمنفعة علّة غائيّة للبذل ، ومتقدّمة تصوّرا عليه ومتأخرة عنه في الخارج ، كما هو شأن العلّة الغائيّة ، فيصحّ أن يقال : تملّك المنافع سبب للضمان ، والضمان سبب لكون المنافع له ، فالضمان متأخّر عن لحاظ تملّك المنفعة ، كما أنّ وجود المنفعة خارجا متأخّر عن الضمان.
فالمتحصّل : أنّ الحديث ظاهر في الضمان المعاوضيّ الصحيح ، ولا يشمل العقد الفاسد. كما أنّه لا يشمل الضمان الحاصل بالشرط أو التعبّد من دون بذل عوض في مقابله ، لكونه خلاف مقتضى الباء من السببيّة أو المقابلة. فلا يصحّ الاستدلال به على ضمان المنافع المستوفاة من المقبوض بالعقد الفاسد ، لما عرفت من ظهوره في الضمان المعاوضي الصحيح ، أو إجماله (١).
وقد نوقش في كلام المحقق النائيني قدسسره تارة بإنكار ظهور الخبر في المعنى الأخير وهو منشأ ضمان العين ، والداعي إليه تملّك المنافع لينحصر بباب البيع. وجه الإنكار : أنّ الضمان بهذا المعنى لا ينطبق على جعل الثمن مقابل العين وبالعكس ، ولا على القرار والعقد ، فإنّها ليست ضمانا عرفا ولغة.
واخرى : بأنّ جعل مبنى استظهار الجعليّ المعاوضيّ ظهور الباء في السببيّة أو المقابلة ، ثم دعوى أن مقتضى السببيّة أن تكون من الطرفين ، مع أنّها لا تقتضي ذلك بلا شبهة ، عجيب.
وثالثة : بأنّ حمل السبب على العلّة الغائيّة خلاف ظاهر آخر.
__________________
(١) منية الطالب ، ج ١ ، ص ١٣٣.