ولذا (١) لا يعدّ الجريش مثلا للحنطة ، ولا الدقاقة مثلا للأرز.
ومن هنا (٢) يظهر أنّ كلّ نوع من أنواع الجنس الواحد ، بل كلّ صنف من
______________________________________________________
«الدرهم» جنس يشتمل على نوعين :
أحدهما : الصحيح ، وهو الذي تكون سكّته وهيئته محفوظة.
وثانيهما : المكسور والمعيوب ، كما إذا انكسر نصفين أو أكثر ، أو عاب بأن انمحى نقشه المضروب عليه.
فإن كان موضوع مثليّة الدرهم هو الجنس الصادق على السليم والمعيب انتقض تعريف المثليّ ، لأنّ النصف المكسور من الدرهم لا يسوى قيمة نصف الدرهم الصحيح ، لزوال ماليّة هيئته بالكسر ، وصيرورة العبرة في ماليّته بنفس المادّة وهي الفضّة.
وإن كان موضوع المثليّة خصوص النوع الصحيح لم ينتقض تعريف المثليّ ، إذ لا ريب في أنّ الدراهم الصّحاح متساوية في الماليّة ، وليست الدراهم المكسورة مندرجة في النوع الصحيح حتى يقال بعدم مساواة أبعاضها. والظاهر أن مناط المثليّة عندهم هو النوع لا الجنس ، ولذا لا يعدّون الجريش والطحين مثلا للحنطة ، مع انطباق الجنس عليهما.
(١) يعني : ولكون المثليّة ملحوظة بالنسبة إلى النوع ـ كما وجّهه بقوله : إلّا أن يقال ـ لا يعدّ الجريش مثلا للحنطة. والجريش هو الحنطة المطحونة بطحن غير ناعم ، بحيث تبقى قطعا صغارا. فالحنطة جنس لها أنواع ، منها الحبّات غير المطحونة ، ومنها : الجريش ، ومنها الطحين. فإذا اشتغلت الذمّة بحقّة حنطة لم تفرغ بدفع حقّة من نوع آخر كالجريش.
(٢) يعني : ومن لحاظ المثليّة بالنسبة إلى النوع ـ لا الجنس ـ يظهر أنّ المثليّة ملحوظة في النوع بالنسبة إلى أفراد ذلك النوع فقط ، لا سائر أنواع الجنس.