.................................................................................................
______________________________________________________
الأولى : عدم تماميّة شيء من الأقوال الأربعة ، وهي تعيين المثل ، وتعيين القيمة ، وتخيير الضامن ، وتخيير المالك ، إذ لو نهض دليل على ترجيح أحدها تعيّن المصير إليه ، سواء أكان الدليل الشرعي أصلا لفظيّا كحديث «على اليد» أم عمليّا كالاستصحاب والاشتغال والبراءة. فإذا نوقش فيها ـ إمّا لقصور المقتضي وإمّا لوجود المانع وهو المعارضة ـ تصل النوبة إلى تعيين الوظيفة بحكم العقل.
الثانية : قيام الإجماع على عدم تخيير المالك بين مطالبة المثل والقيمة ، إذ لو تمّ هذا الإجماع كان الدليل الاجتهاديّ على تخييره شرعا موجودا ، ومعه لا مجال للتمسك بالأصل العمليّ العقليّ المتأخّر رتبة عن الأصول الشرعيّة.
وبناء على هاتين المقدّمتين نقول : إنّ المستقرّ في عهدة الضامن إمّا المثل أو القيمة ، فإن رضي المالك بما يؤدّيه الضامن فلا كلام. وإن لم يرض به فإن كانت الذمّة مشغولة بالمثل واقعا ودفع القيمة إلى المالك لم تفرغ ذمّته عمّا اشتغلت به. وإن كانت مشغولة بالقيمة كذلك وأدّى المثل لم تفرغ ذمّته. كما أنّه لو كان على الضامن هو المثل لم يكن للمالك الامتناع عن قبوله ، وليس له مطالبة القيمة ، وكذا لو كان عليه القيمة لم يكن للمالك الإباء عن قبولها.
فيدور أمر كلّ من الضامن والمالك بين المحذورين. أمّا الضامن فلأنّ ما عليه واقعا إحدى الخصوصيّتين مع فرض عدم وجوب الجمع بينهما.
وأمّا المالك فلاستحقاقه واقعا أحد الأمرين لا كليهما ، ولا تخيير شرعا بينهما حسب الفرض. فيقال بالتخيير عقلا من باب الاضطرار. كما يقال في تخيير المجتهد في مقام الفتوى في ما لو اختلفت الأمّة على قولين ، ولم يقم على أحدهما دليل بالخصوص ، ولم يجز إبداع رأي ثالث في المسألة ، فيتخيّر عقلا في الفتوى على