.................................................................................................
__________________
قد يقال : لو بني على المتعارف وتنزيل الإطلاقات الواردة في الضمان عليه كان مقتضى ذلك ضمان الماليّة مطلقا وليست الخصوصيّات العينيّة ملحوظة في نظر العرف إلّا عبرة إلى مرتبة ماليّة المال ، ولذا لو سقط المثل عن الماليّة لم يلتفتوا إليه أصلا. ولا يرون دفعه تداركا. وكذا لو زاد في الماليّة لا يرون المالك مستحقّا لأزيد من قيمة ماله.
وبالجملة : ليس النظر في الأموال إلّا إلى ماليّتها. بل لو كانت خصوصيّة مال مطلوبة كان ذلك لأمر خارجيّ غير دخيل في حيثيّة الضمان. وإنّما يدور الضمان مدار التمول في أي عين كان بلا خصوصيّة للنقدين ، ولا للمماثل ولا لغيرهما.
وهذا في غاية الغرابة ، إذ لازمه ارتفاع الضمان بجبران الماليّة بأيّ مال كان ، فلو أتلف منّا من حنطة زيد ، ودفع إليه مقدارا من الدهن يساوي قيمة منّ الحنطة ـ وإن لم يرض به المالك ـ لزم منه براءة ذمّة الضامن ، وهو كما ترى خلاف ما عليه العقلاء في باب الضمانات ، إذ لا يرون هذا أداء لما أتلفه ، فإن العقلاء كما يحكمون بأصل الضمان كذلك يحكمون بكيفيّته. فدعوى كون الضمان مطلقا بالماليّة ـ من دون رعاية الخصوصيّات الدخيلة في الرغبات والماليّة ـ في غاية الغرابة.
فالحقّ أن يقال : إنّ حكم العقلاء في باب الضمانات هو ثبوت نفس العين التالفة المضمونة على عهدة الضامن ، فالاستيلاء على العين الموجب للضمان يوجب ثبوتها في الذمّة. وهذا وجود اعتباريّ للعين ، فبدون التلف يكون خروجه عن عهدتها بدفع عينها إلى مالكها ، ومع التلف يكون أداؤها بإعطاء مماثلها إن كان مثليّا ، وقيمتها إن كان قيميّا. وثمرة ثبوت العين في الذمة هو كون المدار في القيميّة قيمة يوم الأداء لا يوم التلف.
وهذا ـ أي ثبوت نفس العين في الذمّة إلى وقت الأداء ـ ممّا تقتضيه الأدلّة الشرعية أيضا كحديث «على اليد» فإنّ ظاهره كون نفس المأخوذ على الآخذ ومستعليا