من إطلاقات الضمان (١)
______________________________________________________
وتوضيح ما أفاده : أنّ مادّة «الضمان والغرامة» وما بمعناهما قد وردت في كثير من النصوص المتكفلة لحكم المغصوب ، والأمانات التي فرّط أصحابها فيها كالعين المستأجرة واللّقطة والعارية والوديعة ، وكان السائل يستفهم عن وظيفته الفعليّة المبتلى بها ، ولم يستفصل منه الامام عليهالسلام عن أنّ المضمون مثليّ أو قيميّ ، وإنّما حكم عليهالسلام بالضمان أو بما يؤدّيه ، كما يستفاد أيضا من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي» ممّا ظاهره استقرار المأخوذ على عهدة الآخذ إلى أن يردّه إلى المأخوذ منه.
ومن المعلوم أنّ إهمال خصوصيّة المضمون ـ مع تفاوت الأموال في مالها مثل وما ليس لها مثل ـ لا بدّ أن يكون لأجل إيكال الأمر إلى ما هو المتعارف بين العقلاء في ما يضمنون به ، وعدم إبداع طريقة أخرى في مقام تفريغ الذمّة.
هذا من جهة. ومن جهة أخرى نرى استقرار سيرتهم على أنّ من وضع يده على شيء مملوك للغير لزمه ردّه إليه ، وإن تلف لزمه ردّ أقرب شيء إليه ، ومع تعذّره يؤدّي قيمة التالف.
ولا ريب في أنّ الأقرب إلى التالف هو مماثلة في جميع الجهات المعتبرة في الماليّة والأوصاف الدخيلة في رغبة العقلاء فيه ، سواء أكان متّحدا مع المثليّ الذي اصطلح عليه الفقهاء قدسسرهم ، أم لم يكن كذلك. فالحيوان مطلقا ليس مثليّا بنظر الفقهاء ، ولكن لا يبعد ضمانه عرفا بما يماثل التالف من جميع الجهات ، ولو تعذّر فبقيمته.
وعليه فهذا الدليل يقتضي الضمان أوّلا بمثل التالف ، ثم بقيمته ، ومعه لا مجال للتخيير أصلا.
(١) حاصله : أنّ المستفاد من بناء العرف الممضى شرعا ـ بمقتضى الإطلاقات المقاميّة الثابتة لأدلّة الضمان المتفرّقة في أبواب الفقه ـ هو : أن الضمان في جميع موارده يكون بالمثل ، ثمّ بالقيمة ، ومعرفة المثل موكولة إلى العرف ، ولا تتوقّف على الإجماع على كون الشيء مثليّا أو قيميّا.