فلمّا أتيت النيل خبّرت أنّه توجّه إلى بغداد ، فاتّبعته وظفرت به وفرغت ممّا بيني وبينه (١) ، ورجعت إلى الكوفة ، وكان ذهابي ومجيئي خمسة عشر يوما. فأخبرت (٢) صاحب البغل بعذري ، وأردت أن أتحلّل منه فيما [ممّا] صنعت وأرضيه ، فبذلت له خمسة عشر درهما ، فأبى أن يقبل (٣) ، فتراضينا بأبي حنيفة وأخبرته بالقصّة ، وأخبره الرّجل.
فقال لي : ما صنعت بالبغلة؟
قلت : رجّعته سليما. فقال (٤) : نعم بعد خمسة عشر يوما.
قال : فما تريد من الرجل؟
قال (٥) : أريد كراء بغلي ، فقد حبسه عليّ خمسة عشر يوما.
______________________________________________________
من الفرات الكبير» (١).
(١) هذا الضمير وضمائر «أنّه ، توجّه ، فاتّبعته ، به» راجعة إلى «الغريم» المراد به المديون.
(٢) الوجه في إخبار صاحب البغل هو مخالفة أبي ولّاد لعقد الإجارة ، لأنّ السير من الكوفة إلى قصر بني هبيرة ـ ذاهبا وجائيا ـ يقلّ عن عشرة أيّام ، فكان تصرّفه وركوبه على البغل مخالفا لمقتضى الإجارة ، فأراد أبو ولّاد استرضاء صاحب البغل والاستحلال منه.
(٣) يعني : أنّ صاحب البغل لم يقنع بخمسة عشر درهما ، وزعم استحقاقه اجرة أزيد منها.
(٤) يعني : فقال صاحب البغل : إنّ أبا ولّاد وإن أرجع البغل سليما ، لكنّه أرجعه بعد خمسة عشر يوما ، وهو أكثر من مدّة الإجارة المتعارفة للذهاب من الكوفة إلى قصر ابن هبيرة والرجوع منها إلى الكوفة.
(٥) يعني : قال صاحب البغل : أريد كراء البغل في مدّة خمسة عشر يوما ، وهو أكثر من خمسة عشر درهما التي اقترحها أبو ولّاد.
__________________
(١) لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٦٨٦.