أيضا (١) قوله عليهالسلام فيما بعد (٢) في جواب قول السائل : «ومن يعرف ذلك؟» قال : أنت وهو ، امّا أن يحلف هو على القيمة فيلزمك. فإن ردّ اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه. أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون على أنّ قيمة البغل يوم اكتري كذا وكذا ، فيلزمك» الخبر ، فإنّ (٣) العبرة لو كانت بخصوص يوم
______________________________________________________
مع أنّه عليه الصّلاة والسّلام قدّم قول المالك بحلفه على القيمة ، فقال : «إمّا أن يحلف هو على القيمة ..».
وأمّا ثانيا : فلأنّ المقرّر في باب القضاء «البيّنة على المدّعي واليمين على المنكر» فالوظيفة الأوّليّة لكلّ منهما تغاير وظيفة الآخر ، فعلى المدّعي إقامة البيّنة لإثبات مقصوده ، وعلى المنكر اليمين للتخلّص من دعوى المدّعي. ومن المعلوم عدم صدق عنواني «المدّعي والمنكر» على شخص واحد حتى تثبت دعواه بكلّ من اليمين والبيّنة. مع أنّه عليه الصّلاة والسّلام جمع بين اليمين والبيّنة في حقّ المالك هذا.
ولا مخلص من هذين الإشكالين إلّا بجعل العبرة بقيمة يوم التلف ، إذ يمكن توجيه كلّ من تقديم قول المالك ، وتوجيه اليمين والبينة معا إلى المالك كما سيأتي بيانه قريبا إن شاء الله تعالى.
(١) يعني : كما تأيّد الحكم ـ بضمان قيمة يوم التلف ـ بالمؤيّد الأوّل.
(٢) يعني : بعد الفقرة الأولى ، وهي قوله عليه الصّلاة والسّلام : «نعم قيمة بغل يوم خالفته».
(٣) هذا تعليل لقوله : «ويؤيّده أيضا» وبيان لوجه التأييد ، وحاصله ـ كما عرفت تفصيله ـ أنّه لو كانت العبرة بضمان قيمة يوم الغصب لزم مخالفة موازين باب القضاء من جهتين. إحداهما : قبول قول المالك المدّعي لزيادة قيمة البغل ، والمفروض مخالفة دعواه لأصالة عدم الزيادة.
ثانيتهما : الجمع بين قبول يمينه وقبول بيّنته ، مع امتناع كون شخص واحد مدّعيا ومنكرا.