على تعلق إرادته به.
غاية الأمر أنا لا نعلم تفاصيل النظامين المذكورين وجهات حسنها بخصوصياتها ، وهو لا ينافي ثبوت الحسن المذكور واقعا ، والعلم به إجمالا بسبب العلم بالإرادة التكوينية والتشريعية على طبقه.
ولا مجال مع ذلك لما عن الأشاعرة من تبعية الحسن لإرادته تعالى وحكمه. على أنه لا يتضح لنا بمدركاتنا حكم العقل بالحسن في رتبة متأخرة عن حكم الشارع إذا لم يندرج في كبرى يستقل العقل بإدراكها ـ كحسن شكر المنعم ـ أو يرجع إلى كشف حكمه عن واقع سابق عليه رتبة ، كما ذكرنا.
إلا أن يكون مرادهم إنكار حكم العقل بالحسن والقبح حتى في الرتبة المتأخرة عن حكم الشارع ، وأنه ليس في البين إلا تحسين الشارع وتقبيحه ، الراجع إلى أمره ونهيه اللذين يلزم طاعتهما بمقتضى الداعي الفطري ، الراجع لتحصيل النفع ودفع الضرر.
هذا وقد احتج الأشاعرة على منع الحسن والقبح في الأشياء مع قطع النظر عن حكم الشارع بوجوه ..
أحدها : أن الأشياء المدعى لها الحسن والقبح تختلف بالوجوه والاعتبارات ، فيكون الصدق قبيحا لو ترتب عليه مفسدة مهمة ، والكذب حسنا لو اندفعت به مفسدة مهمة ، وكذا غيرهما.
ويظهر الجواب عنه مما تقدم من أن الاختلاف إنما يكون في داعوية الحسن والقبح بسبب المزاحمة ، لا في أصل ثبوتهما. ولو سلم فهو إنما يمنع من كون الأمور المذكورة عللا تامة للحسن والقبح ، لا من ثبوتهما لهما في الجملة ولو مع عدم المزاحم ، فهي من سنخ المقتضي لأحدهما من دون حاجة لحكم الشارع.