النهي في العالم الفاسق راجع إلى تقييد الأمر بغير الفساق من العلماء ، وقصوره عنهم ذاتا وإن ارتفعت حرمة إكرامهم بالاضطرار ، ولذا لا يظن بأحد البناء مع الاضطرار لإكرام فاسق من العلماء بإجزائه عن الأمر لو كان بدليا ، ومع الاضطرار لإكرام فاسق مخير بين العالم وغيره بلزوم إكرام العالم الفاسق تحكيما لعموم الأمر لو كان استغراقيا بعد قصور عموم الحرمة بالاضطرار.
بل لو تم ذلك جرى في العموم المطلق ، فيلتزم بأنه لو سقط الحكم الخاص للاضطرار يرجع في مورده لحكم العام ، فيجزي عنه لو كان بدليا. ولا يظن بأحد البناء على ذلك ، بل بناؤهم على خروجه رأسا عن حكم العام بعنوانه الأولى ، كما ذكرناه في العامين من وجه.
وأشكل من ذلك ما ذكره من استثناء صورة النسيان أيضا. فإنه مبتن ـ مع ما سبق ـ على ما ذكره من كون الرفع مع النسيان واقعي كالرفع مع الاضطرار.
وهو خلاف التحقيق ، بل هو ظاهري مع بقاء الحرمة واقعا ، كالرفع مع الجهل ، لأنهما من سنخ واحد.
على أن الظاهر جريان المشهور على مقتضى الارتكازيات في فهم الأدلة ، ولا مجال لتخطئتهم فيما ذكروه ، فإن التأمل قاض بالفرق الإثباتي بين موارد التعارض وموضوع مسألة الاجتماع ، وقد جرى عليه المشهور بمرتكزاتهم البيانية وإن لم يحدد تفصيلا.
وتوضيح ذلك : أن امتناع التمسك بالإطلاقين معا لإثبات فعلية الحكمين المتضمنين لهما كما يكون مع تضاد حكميهما ووحدة متعلقهما ، لاستحالة اجتماع الضدين ، كذلك يكون مع تعدد متعلق حكميهما وتعذر الجمع بينهما في مقام الامتثال ، إما للغوية جعل التكليف حينئذ ، أو لقبح التكليف بما لا يطاق.
إلا أن بناء العرف في الأول على تكاذب الإطلاقين في مقام الإثبات ، وهو