وأخرى : تكون ثانوية منتزعة للفعل بلحاظ أمر خارج عنه ، كالعناوين التسبيبية المنتزعة من ترتب شيء عليه ، كعنوان الإحراق ، والإضرار والتكريم والتأديب ، والعناوين الإضافية المنتزعة من نحو إضافة خاصة بينه وبين غيره ، كالمقابلة والمعاندة والإطاعة والمعصية والمتابعة والمشابهة.
والظاهر أن مرجع التكليف بالعناوين بقسميها إلى التكليف بمنشإ انتزاعها ، لكونه موطن الغرض والملاك ، ففي القسم الأول يكون المكلف به هو الفعل بذاته ، وفي الثاني يكون المكلف به هو منشأ انتزاع العنوان الخارج عن الذات ، وهو موطن الغرض والملاك ، وليس التكليف بالفعل إلا للتوصل إليه ، لكونه مسببا عنه أو قائما به. ومن ثم يتعين إحرازه في مقام الامتثال ، ويجب الاحتياط لو تردد الفعل المحصل له بين الأقل والأكثر ، لأن الشك في الحقيقة ليس في المكلف به ، بل في محصله. بخلاف ما إذا تردد الفعل المحكي بالعنوان في القسم الأول بين الأقل والأكثر ، فإن المرجع فيه البراءة ، لرجوعه للشك في وجوب الزائد ، كما أشرنا إلى ذلك في الجملة في تقريب الجامع الصحيحي من طريق الأثر.
هذا ولا فرق في القسمين بين التكليف بالعنوان على إطلاقه والتكليف به مقيدا ببعض القيود الخارجة عنه ، كتقييد المشي بالسرعة ، أو بحال أو وقت خاص ، وتقييد الأكل بطعام خاص ، وتقييد الإضرار بالمال أو بشخص خاص ، وتقييد المشابهة بفعل خاص ، وهكذا ، إذ ليست فائدة التقييد به إلا تضييق مورد التكليف وقصره على ما يقارن القيد من دون أن يكون القيد بنفسه موردا للتكليف وجزءا من متعلقه ، على ما سبق التعرض له في أوائل الكلام في تقسيم المقدمة إلى تكوينية وشرعية.
إذا عرفت هذا فاختلاف العنوانين إن كان لاختلاف قيودهما التابعة للخصوصيات الخارجة عن منشأ الانتزاع ، كخصوصيات الزمان والمكان