الخصوصية الشخصية في المفهوم ، لوضوح عدم اختلاف مفادها فيها مع مفادها في القضايا الاستقبالية ونحوها ، فالخصوصية من لوازم مفادها لا مقوّمة له ، نظير استعمال أسماء الأجناس وإرادة أفراد خاصة لها.
هذا ، ولكن التأمل في حال بعض النسب شاهد بأن انتزاع الصدق والكذب لا يتوقف على كون أدوات النسب حاكية عن واقع متقرر في نفسه ، بل قد يكون مع حدوث نحو من النسبة الكلامية التي لا تقرر لها لو لا الكلام ولا وجود لها بدونه ، كما هو الحال في نسبة الاستثناء حيث لا تقرر لها في نفسها ، بل هي اعتبار محض متفرع على اعتبار عموم الحكم في مقام الاستعمال لغير من ثبت له. فليس الواقع المتقرر مع قطع النظر عن الكلام إلا عدم ثبوت الأمر المحكوم به للمستثنى وثبوته لما عداه من أفراد المستثنى منه ، وكما يمكن بيانه ببيان حال كل من القسمين على حدة ، فيقال مثلا : تقبل شهادة العادل ولا تقبل شهادة غيره ، يمكن بيانه بإثبات الحكم للكل واستثناء بعض الأفراد ، فيقال : تقبل شهادة المؤمن إلا غير العادل ، وبنفيه عن الكل واستثناء بعضها ، فيقال : لا تقبل شهادة أحد إلا العادل وبوجوه أخر ، كأن يقال : إنما تقبل شهادة العادل ، أو : تقبل شهادة العادل فقط ، وغير ذلك.
وذلك يكشف عن عدم المطابق للنسبة الاستثنائية المؤداة بالأداة مع قطع النظر عن مقام البيان ، وعدم التقرر لها بواقع خارجي محكي بالأداة حكاية المعنى باللفظ. وإنما يكون الواقع معيارا في الصدق والكذب بلحاظ كون الداعي لإيجاد النسبة عند أهل اللسان هو بيانه ، لا مجرد وجوده كما في مثل الاستفهام والطلب من النسب الإنشائية على ما سبق. فالفرق بين أدوات الاستفهام مثلا وأدوات الاستثناء ـ بعد اشتراكها في كون مضامينها إيجادية ـ أن الأولى لا تساق لبيان أمر خارج عن مقام الكلام ، وإن كان لا بد فيها من غرض ، كسائر الأفعال الاختيارية ، أما الثانية فهي تساق لبيان ما يصحح انتزاعها عند