ولكن الأمر في الأحكام الشرعية ليس كذلك ، ضرورة انها تابعة للجهات الواقعية في مقام الجعل بلا دخل لعلم المكلف وجهله في ذلك المقام أصلا. وفي مقام الفعلية تابعة لفعلية موضوعها وتحققه في الخارج ، ولا دخل لعلم المكلف بالحكم بفعليته أصلا ، كما انه لا يضر بها جهله ، فلو كانت الأحكام الواقعية تابعة للجهات الواصلة للزم التصويب وانقلاب الواقع لا محالة ، فعندئذ يخرج المقام عن محل النزاع ، فانه على هذا ليس في مورد الاجتماع حكمان ليتكلم في جواز اجتماعهما فيه وعدم جوازه ، بل حكم واحد فحسب ، فان المكلف إذا كان جاهلا بالحرمة جهلا عن قصور فلا حرمة في مورد الاجتماع واقعاً ، بل هو متمحض في الوجوب ، وان كان العكس فبالعكس ، كما هو واضح. ولكنك عرفت فساد هذا المبنى ، وان المؤثر في الأحكام انما هو الجهات الواقعية لا غيرها وعليه فمناط الحرمة في مورد الاجتماع بما انه كان أقوى ، كما هو المفروض فلا محالة يكون هو المؤثر ، ولا أثر لمناط الوجوب عندئذ أصلا ، سواء أكان المكلف عالما بالحرمة أم كان جاهلا بها عن تقصير أو قصور. فعلى جميع التقادير لا يكون المجمع واجباً اما على التقدير الأول والثاني فواضح كما اعترف هو (قده) بذلك واما على التقدير الثالث فلان الجهل لا يوجب انقلاب الواقع ، فالواقع باق على ما كان عليه ، وان ملاك الوجوب بما انه مزاحم بما هو أقوى منه فلا أثر له.
وقد تحصل من ذلك ان ما أفاده (قده) في هذه النقطة لا يرجع إلى معنى محصل على وجهة نظره (قده) في باب الاجتماع فضلا عن وجهة نظرنا فيه.
واما النقطة الخامسة فقد ظهر فسادها مما تقدم من بيان ملاك باب الاجتماع وملاك باب التعارض وملاك باب التزاحم. فلا حاجة إلى الإعادة.
كما انه قد تبين على هدى ما ذكرناه ان ما نسب (قده) إلى المشهور من الحكم بصحة الصلاة في الدار المغصوبة على القول بالامتناع وتقديم جانب الحرمة