الثالثة ـ قد تقدم ان متعلق الأوامر والنواهي هو الطبائع الكلية التي يمكن انطباقها على الافراد والمصاديق الخارجية بشتى ألوانها واشكالها. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى ان تلك الطبائع الكلية قد قيدت بقيودات كثيرة وجودية وعدمية ، مثلا ـ الصلاة مقيدة بقيودات وجودية ، كالطهور والقيام واستقبال القبلة والاستقرار وما شاكل ذلك ، وقيودات عدمية ، كترك لبس ما لا يؤكل والحرير والذهب والميتة والنجس ، وترك القهقهة والتكلم ونحو ذلك. ومن ناحية ثالثة ان تلك القيودات لا توجب الا تضييق دائرة انطباقها على افرادها في الخارج ولا توجب خروجها عن الكلية.
وعلى الجملة فان للطبائع الكلية عرضا عريضاً ، ولكل حصة منها نحو سعة وكلية ، وان ـ التقييد مهما بلغ عدده ـ لا يوجب الا تضييق دائرة الانطباق على ما في الخارج ، الا إذا فرض بلوغ التقييد إلى حد يوجب انحصار المقيد في الخارج بفرد واحد ، ولكنه مجرد فرض لعله غير واقع أصلا.
ومن هنا ـ تكون التقييدات الواردة على الصلاة من نواحي عديدة. ١ ـ من ناحية الزمان حيث انها واجبة في زمان خاص لا مطلقاً. ٢ ـ من ناحية المكان حيث انه يشترط في صحتها ان تقع في مكان مباح. ٣ ـ من ناحية المصلى فلا تصح من كل شخص كالحائض ونحوها. ٤ ـ من ناحية نفسها حيث انها مقيدة بقيودات عديدة كثيرة وجودية وعدمية ـ لا توجب الا تضييق دائرة انطباقها على ما في الخارج ، ولا توجب خروجها عن الكلية وإمكان انطباقها على الافراد الكثيرة في الخارج. ومن ناحية رابعة ان المراد من الواحد في محل الكلام هو مقابل المتعدد لا في مقابل الكلي ، بمعنى ان المجمع في مورد التصادق والاجتماع واحد وليس بمتعدد بان يكون مصداق المأمور به في الخارج غير مصداق المنهي عنه وإلا لخرج عن محل الكلام ولا إشكال عندئذ أصلا.