عبادته من الصوم والصلاة وما شاكلهما. وتوهم ـ ان الوجوب مركب من طلب الفعل مع المنع من الترك والمرفوع بحديث الرفع هو المنع من الترك لا أصل الطلب بل هو باق ، وعليه فتدل العمومات على مشروعيتها ـ خاطئ جداً وغير مطابق للواقع قطعاً ، والوجه في ذلك اما أولا فلأنه تقدير تسليم كون الوجوب هو المجعول في موارد هذه العمومات إلا انه لا شبهة في أنه أمر بسيط ، وليس هو بمركب من طلب الفعل مع المنع من الترك ، وإلا لكان تركه محرماً وممنوعاً شرعاً مع ان الأمر ليس كذلك ، ضرورة ان تركه ليس بمحرم ، بل فعله واجب والعقاب إنما هو على تركه لا على ارتكاب محرم ، أو فقل : ان لازم ذلك هو انحلال وجوب كل واجب إلى حكمين : أحدهما متعلق بفعله والآخر متعلق بتركه ، وهذا باطل جزماً ، كما ذكرناه غير مرة.
ونتيجة ما ذكرناه هي ان الوجوب أمر بسيط لا تركيب فيه أصلا. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى ان هذا مرفوع عن الصبي بمقتضى حديث الرفع ومن المعلوم انه بعد رفعه لا دلالة لتلك العمومات على مشروعية عباداته كما هو واضح ، واما ثانياً فلأنه على فرض تسليم ان الوجوب مركب من طلب الفعل مع المنع من الترك ، مع ذلك لا تتم هذه النظرية ، وذلك لأنها ترتكز على ان يبقى الجنس بعد ارتفاع الفصل وهو خلاف التحقيق ، بل لا يعقل بقائه بعد ارتفاعه ، كيف فان الفصل مقوم له ، وعلى هذا فلا محالة يرتفع طلب الفعل بارتفاع المنع من الترك المقوم له ، واما إثبات الطلب الآخر فهو يحتاج إلى دليل ، فالعمومات لا تدل على ذلك كما هو ظاهر ، ومن هنا قد ذكرنا ان نسخ الوجوب لا يدل على بقاء الجواز أو الرجحان.
وقد تحصل من ذلك ان هذه النظرية إنما تتم فيما إذا كان الدليل على مشروعية هذه العبادات على نحو الإطلاق شيء ، والدليل على وجوبها ولزومها