وتجديدها ،
______________________________________________________
وكيف كان فيستثنى من ذلك قبور الأنبياء والأئمة عليهمالسلام ، لإطباق الناس على البناء على قبورهم من غير نكير ، واستفاضة الروايات بالترغيب في ذلك ، بل لا يبعد استثناء قبور العلماء والصلحاء أيضا ، استضعافا لخبر المنع ، والتفاتا إلى أنّ في ذلك تعظيما لشعائر الإسلام ، وتحصيلا لكثير من المصالح الدينية كما لا يخفى.
قوله : وتجديدها.
أي بعد اندراسها. والمستند ما روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال : « من جدّد قبرا أو مثّل مثالا فقد خرج من الإسلام » (١).
وقال ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه : واختلف مشايخنا في معنى هذا الخبر فقال محمد بن الحسن الصفّار : هو جدّد بالجيم لا غير ، وكان شيخنا محمّد بن الحسن بن الوليد يحكي عنه أنّه قال : لا يجوز تجديد القبر ولا تطيين جميعه بعد مرور الأيام وبعد ما طيّن في الأوّل ، ولكن إذا مات ميت فطيّن قبره ، فجائز أن يرمّ سائر القبور من غير أن تجدّد. وذكر عن سعد بن عبد الله أنه كان يقول : إنما هو من حدّد قبرا بالحاء غير المعجمة يعني به : من سنّم قبرا. وذكر عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي أنه قال : إنما هو جدّث قبرا ، وتفسير الجدث بالقبر فلا ندري ما عنى به. والذي أذهب إليه أنه جدّد بالجيم ومعناه : نبش قبرا ، لأن من نبش قبرا فقد جدّده ، وأحوج إلى تجديده ، وقد جعله جدثا محفورا.
وأقول : إنّ التجديد على المعنى الذي ذهب إليه محمد بن الحسن الصفّار ، والتحديد بالحاء غير المعجمة الذي ذهب إليه سعد بن عبد الله ، والذي ذهب إليه البرقي كلّه داخل في معنى الحديث ، وإن من خالف الإمام عليهالسلام في التجديد والتسنيم
__________________
(١) الفقيه ( ١ : ١٢٠ ـ ٥٧٩ ) ، التهذيب ( ١ : ٤٥٩ ـ ١٤٩٧ ) ، الوسائل ( ٢ : ٨٦٨ ) أبواب الدفن ب (٤٣) ح (١).