وتطهّر النار ما أحالته ،
______________________________________________________
الثاني : قال الشيخ في الخلاف : إن الأرض لو جفت بغير الشمس لم تطهر (١). وقال في موضع آخر : الأرض إذا أصابها نجاسة مثل البول وما أشبهه وطلعت عليها الشمس أو هبّت عليها الريح حتى زالت عين النجاسة فإنها تطهر ، ويجوز السجود عليها ، والتيمم بترابها ، وإن لم يطرح عليها الماء (٢). وربما ظهر من ذلك أن الجفاف بالريح مطهر كالشمس ، وهو مشكل. وحمله العلاّمة في المختلف على أن المراد أنها تطهر بهبوب الرياح المزيلة للأجزاء الملامسة للنجاسة الممازجة لها ، قال : وليس مقصود الشيخ ذهاب الرطوبة عن الأجزاء كذهابها بحرارة الشمس (٣). ولا بأس به ، صونا لكلام الشيخ عن التنافي.
ولو حصل التجفيف بالشمس والريح معا كان مطهرا ، لصدق التجفيف بالشمس ، ولأن الغالب تلازم الأمرين.
الثالث : لو كانت النجاسة ذات جرم اعتبر في طهارتها بالشمس زوال جرم النجاسة إجماعا. وقال ابن الجنيد : لا يطهر الكنيف والمجزرة بالشمس (٤). وهو حسن ، لمخالطة أجزاء النجاسة أتربتها ، نعم لو أزيلت تلك الأجزاء وحصل التجفيف بالشمس اتجه مساواتهما لغيرهما.
قوله : وتطهّر النار ما أحالته.
أي أخرجته عن الصورة الاولى ، من الأعيان النجسة بالذات أو بالعرض ، بأن صيرته رمادا أو دخانا ، وقد قطع الشيخ في الخلاف (٥) ، وأكثر الأصحاب بطهارة
__________________
(١) الخلاف ( ١ : ١٨٥ ).
(٢) الخلاف ( ١ : ٦٦ ).
(٣) المختلف : (٦١).
(٤) نقله عنه في المنتهى ( ١ : ١٧٨ ).
(٥) الخلاف ( ١ : ١٨٧ ).