______________________________________________________
الأعيان النجسة بذلك ، وتردد فيه المصنف ـ رحمهالله ـ في كتاب الأطعمة من هذا الكتاب (١). ونقل عن الشيخ في المبسوط أنه حكم بنجاسة دواخن الأعيان النجسة (٢) ، مع أنه نقل في الخلاف إجماع الفرقة على طهارة الأعيان النجسة بصيرورتها رمادا.
والمعتمد الطهارة ، لأنها الأصل في الأشياء ، ولأن الحكم بالنجاسة معلّق على الاسم فيزول بزواله ، ولما نقله المصنف ـ رحمهالله ـ في المعتبر من إجماع الناس على عدم توقي دواخن السراجين النجسة (٣) ، ولو لم يكن طاهرا بالاستحالة لتورّعوا منه ، ولا معارض لذلك إلاّ التمسك باستصحاب حكم الحالة السابقة ، وهو لا يصلح للمعارضة ، لما بيناه مرارا من أن استمرار الحكم يتوقف على الدليل كما يتوقف عليه ابتداؤه (٤).
ويمكن أن يستدل على الطهارة أيضا بما رواه الشيخ في الصحيح ، عن الحسن بن محبوب : أنه سأل أبا الحسن عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ، ثم يجصص به المسجد ، أيسجد عليه؟ فكتب إليه بخطه : « إن الماء والنار قد طهّراه » (٥) وجه الدلالة أنّ الجصّ يختلط بالرماد والدخان الحاصل من تلك الأعيان النجسة ، ولو لا كونه طاهرا لما ساغ تجصيص المسجد به والسجود عليه ، والماء غير مؤثر في التطهير إجماعا كما نقله في المعتبر (٦) ، فتعين استناده إلى النار ، وعلى هذا فيكون إسناد التطهير إلى النار حقيقة وإلى الماء مجازا ، أو يراد به فيهما المعنى المجازي ، وتكون الطهارة الشرعية مستفادة مما علم
__________________
(١) الشرائع ( ٣ : ٢٢٦ ).
(٢) المبسوط ( ٦ : ٢٨٣ ). قال : ورووا أصحابنا أنه يستصبح به تحت السماء دون السقف ، وهذا يدل على أن دخانه نجس ، انتهى ، ولكن قال بعده : الأقوى عندي أنه ليس بنجس.
(٣) المعتبر ( ١ : ٤٥٢ ).
(٤) الجواهر ( ٦ : ٢٦٦ ). عدم جريانه ( الاستصحاب ) في المقام بتغير اسم الموضوع وحقيقته المعلق عليهما حكم النجاسة.
(٥) التهذيب ( ٢ : ٢٣٥ ـ ٩٢٨ ) ، الوسائل ( ٢ : ١٠٩٩ ) أبواب النجاسات ب (٨١) ح (١).
(٦) المعتبر ( ١ : ٤٥٢ ).