______________________________________________________
فيه؟ قال : « لا بأس بأن تجعل فيها ما شئت من ماء أو لبن أو سمن وتتوضأ منه وتشرب ، ولكن لا تصلّ فيها » (١) والظاهر أنه ـ رحمه الله تعالى ـ قائل بمضمونها ، لأنه ذكر قبل ذلك من غير فصل يعتد به أنه لا يورد في ذلك الكتاب إلاّ ما يفتي به ويحكم بصحته.
وبالجملة فالمسألة محل تردد ، لما بيناه فيما سبق من أنه ليس على نجاسة الميتة دليل يعتد به سوى الإجماع ، وهو إنما انعقد على النجاسة قبل الدبغ لا بعده ، وعلى هذا فيمكن القول بالطهارة تمسكا بمقتضى الأصل ، وتخرج الروايتان شاهدا.
واعلم : أن مقتضى العبارة توقف استعمال الجلد على ثبوت تذكيته بأحد الطرق المفيدة له ، ومقتضى ذلك المنع من استعمال ما لم تثبت تذكيته ، سواء علم موته حتف أنفه أم جهل حاله ، وبه قطع الشهيدان (٢) ـ قدسسرهما ـ والمحقق الشيخ علي (٣) ، واحتجوا عليه بأصالة عدم التذكية. ويشكل بأن مرجع الأصل هنا إلى استصحاب حكم الحالة السابقة ، وقد تقدم منا الكلام فيه مرارا ، وبيّنا أن الحق أن استمرار الحكم يتوقف على الدليل كما يتوقف عليه ابتداؤه ، لأن ما ثبت جاز أن يدوم وجاز أن لا يدوم ، فلا بد لدوامه من دليل وسبب سوى دليل الثبوت. ثم لو سلمنا أنه يعمل به فهو إنما يفيد الظن ، والنجاسة لا يحكم بها إلاّ مع اليقين أو الظن الذي ثبت اعتباره شرعا كشهادة العدلين إن سلم عمومه.
والحاصل : أن الجلد المطروح لمّا جاز كونه منتزعا من الميتة والمذكّى لم يكن اليقين بنجاسته حاصلا ، لانتفاء العلم بكونه منتزعا من الميتة ، فيمكن القول بطهارته كما في الدم المشتبه بالطاهر والنجس ، ويشهد له قول الصادق عليهالسلام في صحيحة الحلبي :
__________________
(١) الفقيه ( ١ : ٩ ـ ١٥ ) ، الوسائل ( ٢ : ١٠٥١ ) أبواب النجاسات ب (٣٤) ح (٥).
(٢) الشهيد الأول في الدروس : (٢٦) ، والشهيد الثاني في روض الجنان : (٢١٢).
(٣) جامع المقاصد ( ١ : ٨٥ ).