وكذا لو خشي المرض الشديد أو الشين باستعماله الماء جاز له التيمّم.
______________________________________________________
وإطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضي أنّه لا فرق في الخوف بين أن يكون على النفس أو المال أو البضع ، ولا في الخوف بين أن يكون لسبب أو لمجرد الجبن ، ولا في المال الذي يخاف تلفه بين القليل والكثير ، المضر فوته وعدمه. وبهذا التعميم جزم الشارح ـ قدسسره ـ قال : والفارق بينه وبين الأمر ببذل المال الكثير لشراء الماء النص ، لا كون الحاصل في مقابلة الأوّل هو الثواب لبذله في عبادة اختيارا ، وفي الثاني العوض وهو منقطع (١) ، لأنّ تارك المال للصّ وغيره طلبا للماء داخل في موجب الثواب أيضا (٢).
قلت : وكأنه أشار بالنص إلى روايتي يعقوب بن سالم ، وداود الرقي (٣) الدالتين على جواز التيمم مع الخوف من اللصّ ، المتناولتين بإطلاقهما للخوف عن فوات المال القليل والكثير ، وصحيحة صفوان (٤) المتضمنة للأمر بشراء ماء الوضوء وإن كان بألف درهم مع التمكّن منه.
وفي سند الروايتين الأوليين ضعف ، وفي دلالتهما قصور ، إلاّ أنهما مؤيّدتان بعموم ما دلّ على رفع الحرج والعسر ، ولا ريب أنّ في تعريض النفس والمال للصوص حرجا عظيما ومهانة على النفس ، بخلاف بذل المال اختيارا ، فإنّه لا غضاضة فيه على أهل المروّة بوجه ، ولعلّ ذلك هو الفارق بين الموضعين.
قوله : وكذا لو خشي المرض الشديد أو الشين باستعمال الماء جاز له التيمّم.
المرض الشديد باستعمال الماء يتحقق بخوف حدوثه ، أو زيادته ، أو بطء برئه ،
__________________
(١) يعني به : أنّ الحاصل في مقابله هو عوضه وثمنه فيكون في ذمة السارق ، بخلاف الأول فإنّ الحاصل في مقابله هو الثواب.
(٢) المسالك ( ١ : ١٦ ).
(٣) المتقدمتين في ص (١٧٩).
(٤) المتقدمة في ص (١٨٩).