قلت : جعلت فداك فيصنع ماذا؟ قال : «يسبّح» (١).
وقد مرّت رواية أبي خديجة (٢) وحسنة زرارة (٣) ، إلّا أنّ حسنة زرارة تشمل بإطلاقها الجهريّة وإن سمع قراءة الإمام ، بل هي ظاهرة فيها.
فحينئذٍ يرد الإشكال من جهة ما دلّ على استحباب القراءة فيما لم يسمع الصوت ولا الهمهمة ، وحرمتها فيما سُمعا. ومن جهة إطلاق رواية أبي خديجة ، وظاهر هذه الحسنة ، فإنّهما تدلّان على رجحان التسبيح مطلقاً ، المتضمن لعدم الاستماع.
أما الإشكال الأوّل وهو رجحان التسبيح كما هو مقتضى رواية أبي خديجة ، ففيه أنّها لا تقاوم تلك الأدلّة كما ذكرنا سابقاً.
وأما الإشكال الثاني وهو رجحان التسبيح مع تضمّنه عدم الاستماع كما أفادته الحسنة ، فقد قيل في وجه الجمع بينها وبين الآية بوجهين ، الأوّل : أن يكون المراد التسبيح الخفيّ بحيث لا ينافي الإنصات العرفيّ ، والثاني : أن يكون المراد التسبيح القلبي والنفسي لا الذكري كما هو ظاهر الخبر.
وفي كليهما نظر ، لأنّ المأمور به في الآية الاستماع والإنصات ، ولا يتحقّق الإنصات إلّا بترك القراءة ، ولا ريب أنّ الاستماع أمر مربوط بالقلب ، فإنّما هو إعمال القلب للجارحة المخصوصة لحصول المقصود ، فمع ربط القلب بتحصيل السماع يشكل الالتفات إلى التسبيح النفسي والقلبي الذي ليس هو إلّا بتوجّه القلب ، ولا مدخل فيه لجارحة أُخرى ، إذ «ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ».
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٥٦ ح ١١٦١ ، الوسائل ٥ : ٤٢٥ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٢ ح ١.
(٢) ص ١٥٤.
(٣) ص ١٥٠ وهي في الكافي ٣ : ٣٧٧ ح ٣ ، التهذيب ٣ : ٣٢ ح ١١٦ ، الاستبصار ١ : ٤٢٨ ح ١٦٥١ ، الوسائل ٥ : ٤٢٣ أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ٦.