والأقوى ، الحكم بارتداد من استحلّ شرب الخمر ، فيقتل من غير توبة إن كان عن فطرة ولا يقتل مستحلّ غيره بل يحدّ.
______________________________________________________
تلك الشهادة ـ مع عمومها ـ كافية في إثبات الموجب الذي هو بعض ما ذكر مع بناء الحدّ على التخفيف والاحتياط وإسقاطه بالشبهات.
الا ترى انّه إذا أقرّ بموجب صريحا ، يشير اليه الحاكم ويلوّح بما يأوّل ذلك وينكر ولم يقرّ ، على ما مرّ في حدّ الزنا.
والثاني (١) أبعد فإن الذي يسكر غيره قد لا يكون مسكرا حراما ، لاحتمال انحراف مزاج الغير ولا شك انه لو ادعى عدم العلم أو الإكراه والضرورة يسمع منه فينبغي دفع ذلك كلّه حتى تحقق ما يوجب الحدّ ولا ينبغي البناء على ان الأصل عدم تلك الأمور ، وانّه لو كانت لذكرها ، فانّ بناء الحدّ على التخفيف ، يقتضي الالتفات الى هذه الأمور ، إذ قد لا يعرف انّه يسمع منه دعوى ذلك.
وبالجملة ، ان كان لهم على ذلك دليل من نصّ أو إجماع ، والّا فبمجرد ما ذكر الحكم مشكل ، فتأمّل.
قوله : «والأقوى الحكم إلخ» قد اختلف في انّ مستحلّ شرب الخمر كافر ومرتدّ أم لا؟ فقال به بعض الأصحاب ، لأن تحريمه مجمع عليه الأمّة ، ومن ضروريات الدين فيكون المسلم المنكر له مرتدا.
فان كان فطريا يقتل من غير استتابة ، وان كان مليا ـ أي غير فطريّ ـ يستتاب فان تاب ، والا قتل.
ولم يذكره المصنف لظهوره ، ولانه يعلم من قوله : (فان رجع إلخ) ، وسيجيء تفصيل حكم المرتد.
ونقل عن الشيخين وابتاعهما عدم الحكم بارتداد من استحلّ شرب الخمر ، بل قالوا : انه يستتاب مطلقا ، فالشارب يحدّ عندهم مطلقا ، فان كان مستحلّا
__________________
(١) يعني قده بالثاني ان يقول الشاهد : شرب ممّا شربه غيره فسكر كما مثل به في أول هذا البحث.