وبعد الإقرار قيل : يتخيّر الامام ، وقيل : يجب الحدّ هنا.
______________________________________________________
بل التعزير أيضا بالتوبة قبل ثبوته عند الحاكم المستوفي ، فلا يترتب على إقراره أو البيّنة بعدها ، اثر ، بل يمكن تعزير المدّعي والمبيّنة أيضا لأنّه إثبات فسق للتائب.
مع انّ التوبة مسقطة للذنوب بالإجماع المنقول في مجمع البيان والنصّ كتابا وسنّة ، انّ الله يقبل التوبة عن عبادة (١) ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له (٢) ، وهو كثير حدا فيسقط عقوبة الدنيا أيضا ، فتأمّل.
اما بعد ثبوته ، فالمشهور انّه ان كان السقوط بالبيّنة لم يسقط ، وعند أبي الصلاح انّه يسقط.
وجه الأول انه بعد ان ثبت بحكم الشرع موجب الحدّ فلا بد من مسقط شرعيّ أنّ التائب يسقط عنه الحدّ ، وليس بالفرض.
ولعل دليل أبي الصلاح ما تقدم من ان التوبة مسقطة للعقوبة الأخرويّة فكذا الدنيوية.
وفي الملازمة بحث.
وامّا بعد الإقرار فالمشهور انّه مخيّر بين الاسقاط والعفو ، وبين إجرائه قالوا : لأنّ التوبة بعد الإقرار مسقطة لتحتم أقوى العقوبتين ، وهو الرجم وأقوى الذنبين ، وهو الزنا ، فاضعفهما ـ وهو الجلد والشرب ـ بالطريق الاولى.
وأجيب بأنّ توبته موضع التهمة ، وبأنّه قد يكون سقوط الأقوى للمبالغة في حفظ النفس ، وعدم القتل ، وإهلاك النفوس ، فلا يلزم من سقوط مثله ، سقوط ما ليس كذلك مثل الجلد والتعزير.
قد يقال : إنّ الحدود مبني على التخفيف والاحتياط ، ويسقط بأوّل شبهة.
__________________
(١) لعل نظره قدّس سرّه الاقتباس ، والّا فالآية الشريفة هكذا (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) ـ التوبة : ١٠٤ ـ (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) ـ الشورى : ٢٥.
(٢) الوسائل باب ٨٦ حديث ٨ من أبواب جهاد النفس ج ١١ ص ٣٥٨.