وأما الأمراء فمنهم من تشتت في البلاد ومنهم من قتل وانهزمت تلك الجموع فتمكن عسكر السلطان سليم من أوطاق الغوري وأخذوا كل ما فيه وكان شيئا يفوق الوصف من الذهب والفضة والقناطير المقنطرة ومن البرق والملبوس والتحف التي جمعتها الملوك السالفة ذهبت كلها ونهبت في يوم واحد ، وذلك بالنسبة لما أبقاه السلطان في قلعة حلب وما أودعته الأمراء والأجناد عند أهل حلب وهو شيء لا ينحصر قليل جدا.
ومما نقل أن السلطان الغوري لما خرج لمحاربة السلطان سليم أخذ معه مائة قنطار ذهبا ودنانير ومائتي قنطار فضة أنصافا وكان قصده أن يجعل ذلك نفقة للعسكر ، ونوى أنه لا يزال ذاهبا حتى يصل إسلامبول ويأخذها من يد السلطان سليم ، وسبب ذلك أن السلطان سليما أرسل له كتابا على سبيل النصيحة وغالبه تهديد كالسم في الدسم ، ومن جملة ما فيه قال : إن لم ترجع عما أنت فيه من الظلم والعناد على المسلمين وإلا جئتك بعسكر من الروم وأخرب مصرك عليك ، فكان هذا الكلام من جملة الأسباب التي دعت الغوري لخروجه لحرب السلطان سليم ، وأرسل له في الجواب : أنا لا أحوجك للمجيء إلينا ولكن تأهب للقاء الأبطال وتنظر كيف تفعل الرجال ، وصدق في قوله لأنه أفعم قلوب عسكره وأهلك غالب الأمراء من القرانصة فكرهته العساكر كلها ، وما خرجوا معه إلا وكل منهم يتمنى أن لا يرجع إلى مصر ، وكان هذا من سوء تدبيره وكل ذلك حتى يجري القضاء والقدر اه.
نبدة من شعره :
أقول : قد أطلعني بعض وجهاء الشهباء على قطعة من شعر السلطان قانصوه الغوري في عشر أوراق يظهر أنها محررة في حال حياته وهي قصائد وموشحات فاخترت منها قصيدتين وموشحتين ، فالقصيدة الأولى قوله :
بالملك أنعم ربنا الرحمن |
|
وهو الكريم المنعم المنان |
فله علينا الشكر حق واجب |
|
يقضيه قلب مخلص ولسان |
فالحمد لله الذي إحسانه |
|
أبدا يليه بفضله إحسان |
فبملك مصر وما حواه خصنا |
|
وبنصره ثبتت لنا الأركان |
قد كان موهبة بلا سعي ولا |
|
فيه تجرد صارم وسنان |
ولقد كفانا الله في أعدائنا |
|
فضلا فبعد صعوبة قد هانوا |