وقال في الكلام على الخوانق : خانقاه : أنشأها سعد الدين كمشتكين الخادم مولى بيت الأتابك عماد الدين قرب دور بني العديم وتوفي سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. قلت : بيت بني العديم اندثر في محنة تيمور وصار كوما عظيما عقب فتنة تيمور وكان ملاصقا للمدرسة الصلاحية (هي المدرسة المعروفة الآن بالبهائية) من جهة الشرق ، وكان عمارة عظيمة على بابه قناطر بلق ، وفي أيامنا شراه شخص يقال له جمعة الفاعل وحرر منه ترابا كثيرا وخرج فيه بئر ماء ، وإلى جانبه بيت الشريف نقيب الأشراف ، وإلى جانب هذه الدار بوابة من الرخام الأصفر ثلاث قطع (١) وهي باقية واندثر داخلها وعمره الناس أملاكا ، ولعل هذه الخانقاه المذكورة هذا المكان ، والآن يعرف هذا المكان بالقلقاسية نسبة إلى شيخ كان ساكنا بها يكره أهل القلقاس ، وهناك خانقاه أخرى بالقرب من آدر الشريف الهاشمي بدرب لا منفذ له وتسمى بخانقاه طاوس ، فيحتمل أن تكون هذه ويحتمل أن تكون المتقدم ذكرها اه.
وفي ليلة دخول العساكر الشريفية إلى حلب سنة ١٣٣٧ أحرق بعض الغوغاء الطابق العلوي الشمالي من هذا المكتب ونهب منه كثير من الآلات الدراسية وبئس ما فعلوا ، ومنذ سنتين رممته دائرة المعارف واتخذت هذا المكتب مكتبا ودارا للصناعة ، وكان بينه وبين باب سوق الضرب مكان خرب واسع بنته دائرة النافعة هذه السنة وألحق بالمدرسة المذكورة ، ولعل هذا المكان هو المدرسة السيفية التي قدمنا ذكرها.
اتخاذ المدرسة الجرديكية مكتبا ثم حانوتا والكلام عليها :
وفي أواخر هذه السنة اتخذت مدرسة الجرديكية الكائنة في سوق السويقة مكتبا ابتدائيا بعد أن كانت قهوة ، وقد كان يعلم الأطفال فيها الشيخ فريد الأيوبي الخطاط ولا زال في الأحياء ، وبعد توجه جميل باشا بمدة وجيزة اتخذ هذا المكتب دكان طباخ وبقي على ذلك أزيد من ١٥ سنة ، ومنذ عشرين سنة عمرته دائرة المعارف واتخذته مخزنا واسعا للتجارة يباع فيه الأقمشة وهو على هذا إلى يومنا هذا.
__________________
(١) هذه القطع الثلاث لم تزل موجودة إلى الآن وهي في غربي المكتب وطرفها الغربي داخل في بنيان الخان المعروف بخان خاير بك وعلى هذا تكون دور بني العديم ودار بيت الشريف نقيب الأشراف قد دخلت في بنيان الخان.