ورجع تمربغا المشطوب إلى حلب هاربا في أناس قلائل ، وقوي أمر كردي وجعل تارة يصانع النواب وتارة يعصيهم ، وكان أكثر طاعته للأمير دمرداش فإنه كان يصاحبه وكان دمرداش يحسن إليه وينعم عليه إنعاما كثيرا ، فلما ولي نيابة حلب شيخ الذي صار سلطانا عصى عليه كردي باك فخرج شيخ من حلب بعسكره ونازله بالعمق ، فنزل كردي بجمعه بالقرب من بغراس تحت الجبل وشيخ تجاهه بالعسكر يضايقه ، فلما كان في بعض الأيام وشيخ غافل لم يشعر إلا وقد بغته كردي باك بعسكره فلم يحفل به ملك الأمراء شيخ بل تأنى ساعة بحيث يرى ما ينتهي إليه أمره ، ثم ركب ملك الأمراء شيخ هو وعسكره وحملوا على كردي وعسكره وكان كردي في عسكر كثير جدا خيالة ورجالة ، فثبت ملك الأمراء شيخ وقاتلهم أشد القتال فانكسر كردي باك كسرة شنيعة وقتل من عسكره جماعة وهرب الباقون وتشتت شملهم ، ورجع ملك الأمراء وعسكره إلى حلب منصورين وذلك في سنة أربع عشرة وثمانمائة. فلما ولي الأمير دمرداش نيابة حلب من جهة السلطان المؤيد شيخ وجاء إلى حلب عضده الأمير كردي باك وتوجه معه إلى حلب لقتال الأمير طوخ فلم ينل من طوخ شيئا ، ثم رجع دمرداش إلى جهة العمق هو وكردي واستمر كذلك ودمرداش إلى أن توجه إليهم الأمير طوخ وقاتلهم ، فتوجه الأمير دمرداش إلى الديار المصرية وكردي إلى عليا بلاده واستمر أمير التركمان بالعمق ، فلما توفي الملك المؤيد وحضر الأمير ططر إلى حلب حضر الأمير كردي باك إليه ، وكان الأمير ططر من أمراء حلب مع تمربغا المشطوب حين كسره كردي باك الكسرة التي حكيناها ، فلما صار كردي باك عند ططر بقلعة حلب أمسكه وأمر بشنقه فشنق تحت قلعة حلب في رجب أو شعبان سنة أربع وعشرين وثمانمائة. وكان كردي أميرا كبيرا والقوافل آمنة في أيامه عفا الله عنه.
ذكر تولية حلب للأمير تغري بردي بن قصروه
قال في تحف الأنباء : وفي رجب خلع ططر على تغري بردي بن قصروه وجعله نائبا بحلب عوضا عن إينال الجكمي ، ثم رجع عائدا إلى دمشق.