خليل بك نيابة حلب ثم الشام ، ثم رده إلى مكان أبيه وجده بطلبة (في آدنة) ولم يزل بها إلى أن مات في حدود سنة سبعين وتسعمائة. وكان على جانب عظيم من الصلاح ، وكان كثير الخيرات والمبرات ، وقد بنى بمدينة آدنة جامعا حسنا وعمارة لطيفة يفرق منها الطعام للفقراء وأبناء السبيل ، وبنى بها حماما وخانا وسوقا.
سنة ٩٦١
تولية حلب إلى قباد باشا بن خليل بك الرمضاني
قال في السالنامة : ولي حلب في هذه السنة قباد باشا أخي بيربك.
قال في در الحبب : هو قباد باشا خليل بن رمضان القرماني أمير الأمراء بحلب في الدولة السليمانية ، دخلها فسلك فيها أسلوب الجراكسة إذ كان الوالي منهم يخلع فيها أول ما يدخلها خلعا على من بها من أركان الدولة وأظهر بها الشهامة الزائدة ومزيد الحرمة على مماليكه وحشمه وخدمه بحيث لا يقدر أحد منهم أن يدخل دار العدل بخمر ولا أن يظهر منه شربها. وعمر بها عماير كثيرة وجعل الموضع الذي فيه غسل السلطان جهانكير ولد المقام الشريف السليماني جنينة لطيفة.
وسعى في إرسال شخص عجمي إلى ماوراء أصبهان لإحضار ماء السمرمر إلى حلب بسبب جراد مهول كان حصل بها ، وخيف عوده إليها وحسن لأرباب الأموال أن يجمعوا للرسول مالا فجمعوا له ما ينوف على مائتي دينار سلطاني ودفعوا له بعضها ووعده بدفع باقيها إذا عاد بالمراد ، فذهب وعاد ومعه الماء وذلك في سنة أربع وستين وتسعمائة ، فخرج إلى لقائه أهل حلب ودخلوا به بالتكبير والتهليل كما وقع في مثل هذا في سنة تسع وخمسين وثمانمائة ، فإنه قد ذكر الشيخ أبو ذر (١) في تاريخه أنه وصل تلك السنة إلى حلب فخرج الناس إلى لقائه بالذكر والدعاء وأخرجوه إلى القلعة وعلقوه بمئذنة جامعها ، غير أن هذه المرة منع دزدارها من وضعه هناك لما أن الآتي به من مقره داخلا سقف أو سقيفة ٢ لئلا تذهب خاصيته وأنه صار إذا دخل
__________________
(١) تقدم ذكر ذلك في حوادث سنة ٨٥٩ ويغلب على الظن أن ذلك حديث خرافة وعلينا في مثل ذلك أن نأتي البيوت من أبوابها.
٢ ـ في النسخة المطبوعة من «در الحبب» : لما أن الآتي به من مقره زعم أنه [من تمام خاصة هذا الماء ألا يدخل] تحت سقف أو سقيفة. (٢ / ٥٨).