أبنية في البلدة هي أقدم منه ، ومع ذلك لا يشاهد في كل هذه المدينة بناية ذات شأن من الآثار القديمة.
وهذه المدينة كانت تسمى في العصور القديمة بيرا] Berea [والدليل على ذلك وجود هذا الاسم في كتب السريانيين الكنائسية ، ومهما تكن حلب قديمة فهي اليوم من أعظم مدن التجارة ما بين آسيا وإفريقيا وأوروبا. ويوجد فيها عالم من جميع أجناس الأمم القديمة ، والفينيقيون هم أول من جعل لها مركزا عظيما في التجارة.
والفرنساويون أيضا أسسوا فيها من زمن قديم محلات تجارية أغنت فيهم عددا غير قليل ، وفي وقتنا هذا الإنكليزيون أسسوا فيها محلات تجارية مهمة. والعجم ترسل إليها أدوية وحريرا وأقمشة ثمينة. ولمحصولات الهند رواج عظيم في حلب يجلب منها إليها كميات كبيرة. بيد أن بخل وشراهة الأتراك عطلت تلك التجارة الكبيرة بواسطة الضرائب الثقيلة التي تتقاضاها على البضائع. واجتهد الأتراك كثيرا في نقل البضائع التي كانت ترد إلى حلب إلى أزمير لتحصل أزمير على المركز الذي لحلب.
كلامه عن نهرها وبساتينها وأشجارها وأثمارها :
وحلب تسقى من نهر صغير يسمى بقويق أو (سيقا) أو (سيكمه) وفي الأزمنة الغابرة كان يسمى (بيلوس) ومنبعه يبعد عن حلب ثلاثة أيام بالقرب من عينتاب من الشمال الشرقي ، ومن هناك يجري إلى أن يمر من غرب المدينة ، وهو ينقسم إلى قسمين. وعن بعد ميلين لا ينظر في حلب إلى غير بساتينها ، لكن زراعتها مخالفة لطريقة زراعتنا وللكيفية التي نقتطف بها الأثمار من شجرنا. وشجرها غير مرتب مثل شجر بلادنا بل مختلط بعضه في بعض مع اعوجاج ، ومع ذلك فإنها تعطي الفائدة المطلوبة ، وجدير بهذه البساتين أن تسمى غابات واسعة ، ويوجد فيها أشجار خوخ بديعة جدا وكذلك أشجار برتقال وهي مغطاة بالزهور والثمر وكذلك أشجار ليمون (في زمننا هذا لا وجود للبرتقال والليمون في بساتين حلب ولا يوجد إلا في بعض الدور) وأشجار آجاص وعنّاب وتفاح ودراقنة ولوز ومشمش وتين من كل نوع وفستق ، وهنا تكلم عن الفستق بما لا طائل تحته ثم قال : ويوجد في هذه البساتين كثير من البطيخ الأخضر والأصفر والخضرة فيها كثيرة