سنة ٨٩٠
ذكر توجه جاني بك حبيب إلى القسطنطينية رسولا
وسبب الوحشة بين الدولة المصرية والدولة العثمانية
قال ابن إياس : وفي صفر كان توجه جاني بك حبيب أمير أخور ثاني إلى ابن عثمان ، وكان توجهه من الإسكندرية من البحر ، وأرسل السلطان صحبته تقليدا من الخليفة إلى ابن عثمان بأن يكون مقام السلطان على بلاد الروم وما سيفتحه الله تعالى على يديه من البلاد الكفرية ، وأرسل إليه أيضا الخليفة مطالعة تتضمن تخميد هذه الفتنة التي نشبت بينه وبين السلطان وفي المطالعة بعض ترقق له ، والذي استفاض بين الناس أن سبب هذه الفتنة الواقعة بينه وبين السلطان أن بعض ملوك الهند أرسل إلى ابن عثمان هدية حافلة على يد بعض تجار الهند ، فلما وصل إلى جدة احتاط عليها نائب جدة وأحضرها صحبته إلى السلطان ، وكان من جملة تلك الهدية خنجر قبضته مرصعة بفصوص ثمينة ، فطمع السلطان في تلك الهدية وأخذ الخنجر ، فلما بلغ ابن عثمان ذلك حنق وجاء في عقب ذلك أن علي دولات ترامى على ابن عثمان وشكى له من أفعال السلطان وما يصدر منه فتعصب لعلي دولات وأمده بالعساكر واستمرت الفتنة تتسع حتى كان منها ما سنذكره في موضعه. وقد طمع غالب ملوك الشرق في عسكر مصر بموجب ما وقع لهم مع سوار وبابندر وغير ذلك من ملوك الشرق.
ثم إن السلطان أرسل الخنجر المذكور والهدية التي بعث بها ملك الهند وأرسل يعتذر إلى ابن عثمان عن ذلك بعد أن صار ما صار فكان كما قيل :
جرى ما جرى جهرا لدى الناس وانبسط |
|
وعذر أتى سرا يؤكد ما فرط |
ومن ظن أن يمحو جليّ جفائه |
|
خفيّ اعتذار فهو في غاية الغلط |
وفي ربيع الأول عرض السلطان العسكر وعين تجريدة إلى علي دولات وعين بها من الأمراء برسباي قرا رأس نوبة النوب وتاني بك الجمالي أحد المقدمين ورسم لهم بأن يتقدموا جاليش العسكر إلى أن يخرج الأتابكي إزبك ، ثم أنفق على العسكر الذي تعين للتجريدة فبلغت النفقة زيادة عن مائة ألف دينار.