علي بك بن شاه سوار ابن أخي علاء الدولة وكان قد هرب من عمه والتجأ إلى كنف السلطان وشرط عليه أن تكون الخطبة والسكة باسم السلطان (١).
زيادة بيان في أسباب هذه الحرب وحالة ملوك الجراكسة :
قال عبد الله المراش في كتابه مختصر تاريخ حلب (٢) في الفصل الذي ذكر فيه انقضاء دولة الجراكسة واستيلاء آل عثمان على مملكتهم في الشام ومصر : قد علمت مما تقدم أن ملك الشام قد انتقل من الأيوبيين إلى مماليكهم الجراكسة الذين شروهم بمالهم ورفعوا منازلهم حتى آل الأمر إلى أنهم تغلبوا على سادتهم وأخذوا الملك منهم كما تغلب الترك على الخلفاء في القرن الثالث للهجرة واستبدوا بالأمر دونهم ، وهذا لعمري ما يترتب بحكم الضرورة على الاسترسال إلى العبيد ، ولذا قيل : أعط العبد الكراع فيطمع في الذراع.
وكان هؤلاء الجراكسة بمكان من التغفل المقترن بالتهور فلا يبالون ما يقولون أو يفعلون ولا يحسبون العواقب ولا يميزون بين ما يليق في بعض الأحوال وما لا يليق أو ما ينفع وما يضر ، وقد بلغ من حماقتهم وفرط اعتدادهم بأنفسهم أنهم استنكفوا من استعمال المدافع (٣) وبنادق البارود التي اخترعت في ذلك العصر واستعملتها سائر الأمم حتى الترك أنفسهم ، بل كانت من أنكى سلاح أعدائهم هؤلاء عليهم وعنها تسبب ذهاب ملكهم
__________________
(١) انظر بقية الكلام على الدولة الدلغادرية في حوادث سنة ٩٢٨.
(٢) عبد الله المراش من أدباء المسيحيين في حلب وقد كانت وفاته سنة ١٨٩٩ م الموافقة سنة ١٣١٦ ه ومن جملة آثاره هذا التاريخ وهو في مائة صحيفة صغيرة استهله بنبذة يسيرة من تاريخ حلب قبل الفتح الإسلامي في سبع صحايف ثم عقد فصلا تحت عنوان (ذكر الفتح الإسلامي) تكلم فيه على ذلك بصورة مختصرة إلى مجيء تيمور لنك إلى حلب في ٢٣ صحيفة ثم ذكر الفصل الذي ذكرناه هنا وهو في ثماني صحائف ثم ذكر يوم مرج دابق في خمس صحايف ، وبعد ذلك تكلم على ثورة أهل حلب على واليهم خورشيد باشا وهذا الفصل أحسن ما في الكتاب وسيأتيك في موضعه إن شاء الله تعالى.
ثم تكلم على موقع حلب وعلى القلعة والجامع الأعظم وعلى بعض معاملاتها ، وقد أخذ الفصول الأخيرة عن الدر المنتخب المنسوب لابن الشحنة. وهذا الكتاب دخل خزانة كتب صاحب السعادة الوجيه الفاضل أحمد تيمور باشا المصري التي وقفها في مصر وهو بخط مؤلفه وقد أخذ عنه نسخة بالمصور الشمسي [الفوتوغراف] وأهداه لنا بارك الله به وبأمثاله من أرباب الغيرة وذوي الهمة العالية ومحبي نشر العلم. وقد وصل إلينا بعد أن نجز طبع الجزء الثاني لذا لم نذكره في المقدمة في عداد مؤلفي التواريخ الحلبية.
(٣) هذا غير صحيح فإنك تجد فيما نقلناه قبل أوراق أنهم استعملوها لكن ربما يقال إن المدافع التي استعملها العثمانيون كانت أتقن وأكثر عددا.