خارج حلب وقاتلهم فلم يلبث يشبك هذا وانهزم ثم قتل من وقته ثم حملت رأسه بين يدي القرمشي ، وعاد القرمشي إلى حلب ودخل دار السعادة فوجد سماط يشبك قد مد فأكله بمن معه ، فكان حال يشبك كقول أبي الفتح البستي :
إلى حتفي سعى قدمي |
|
أرى قدمي أراق دمي |
وكان قتل يشبك المذكور في المحرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة ، وكان شابا طوالا شجاعا مقداما جبارا ظالما وعنده كرم مع طيش وخفة رحمهالله ، وولي نيابة حلب عوضه الأمير ألطنبغا عبد الواحد الصغير اه.
ذكر مقتل علي عماد الدين النسيمي
قال في كنوز الذهب : وفي أيام يشبك المذكور قتل علي النسيمي الزنديق ادعي عليه بدار العدل بحضور شيخنا المذيل [يعني به ابن خطيب الناصرية] وشمس الدين ابن أمين الدولة وكان إذ ذاك نائب الشيخ عز الدين وقاضي القضاة فتح الدين المالكي وقاضي القضاة شهاب الدين الحنبلي المدعو بابن الخازوق بألفاظه المنسوبة إليه ، وكان قد أغوى بعض من لا عقل له وتبعوه على كفره وزندقته وإلحاده ، فقام للدعوى عليه ابن الشنقشي الحنفي وذلك بحضور القضاة وعلماء البلدة ، فقال له النائب : إن أنت أثبت ما تقول فيه وإلا قتلتك ، فأحجم عند سماعه هذا الكلام عن الدعوى والنسيمي لا يزيد في كلامه على التلفظ بالشهادتين ونفي ما قيل عنه ، فحضر عند ذلك الشيخ شهاب الدين بن هلال وجلس فوق القاضي المالكي وأفتى في هذا المجلس بأنه زنديق وأنه يقتل ولا تقبل توبته. ولما جلس فوق المالكي انحرف منه ، ثم إن ابن هلال قال للمالكي : لم لا يقتل؟ فقال له المالكي : أتكتب بخطك بأنه يقتل؟ فقال : نعم ، فكتب له صورة فتوى فكتب عليها فعرض خطه على شيخنا المذيل وبقية القضاة والعلماء الحاضرين فلم يوافقوه على ذلك ، فقال له المالكي : إذا كان القضاة والعلماء لا يوافقونك كيف أقتله بقولك؟ فقال يشبك : أنا لا أقتله فإن السلطان رسم لي أن أطالعه وأنظر ماذا يرسم السلطان فيه ، وانفصل المجلس على ذلك ودام عند النائب بدار العدل في الاعتقال. وطولع المؤيد [السلطان] بخبره ، ثم بعد ذلك حصل للنائب خروج إلى العمق فأخرجوه إلى سجن