سنة ٨٣٤
الكلام على صنعة الزجاج بحلب واشتهارها في الآفاق
قال في كتاب لجنة حفظ الآثار العربية بمصر تأليف مكس هرتس بك وتعريب علي بهجة بك وكيل دار الآثار العربية في مصر (في صحيفة ٢٩٠) في الكلام على صنعة الزجاج : وقد تكلم حافظ أبرو المتوفى حوالي سنة ١٤٣٠ م (وذلك يوافق سنة ٨٣٤ ه) على الأخص على صنعة الزجاج في حلب فقال : هناك صنعة خاصة بحلب وهي صنعة الزجاج ولا نرى في غيرها أجمل مما يرى فيها من المصنوعات الزجاجية ، وإذا دخل الإنسان السوق الذي تباع فيه لا يحب الخروج منه لشدة ما يبهره من جمال الأواني المزخرفة زخرفة بديعة بذوق عجيب. (إلى أن قال) : ومصنوعات حلب الزجاجية تنقل إلى جميع البلاد للتهادي بها اه.
وأحال في هامش الكتاب المذكور على سفر نامة التعليق الوارد في صحيفة ٣٣ : ومما يدلك على تقدم هذه الصنعة في حلب ما ذكره ابن حجة الحموي في كتابه ثمرات الأوراق في ضمن حكاية طويلة نقلها عن الكتاب المسمى بمسالك الأبصار في ممالك الأنصار لابن فضل العمري ، والحكاية جرت مع عبد المؤمن بن يوسف بن فاخر المويسيقي حينما دخل هولاكو بغداد سنة ٦٥٦ فاتخذ هذا وليمة لبعض أمراء هولاكو قال : فأتيت به إلى داري وأحضرت له أطعمة فاخرة ، ولما فرغ من الأكل عملت له مجلسا ملوكيا وأحضرت له الأواني المذهبة من الزجاج الحلبي وأواني فضة فيها شراب مروّق الخ.
وممن نوّه بالزجاج الحلبي الإمام سعدي صاحب كتاب كلستان (الكتاب المشهور باللغة الفارسية) المتوفى سنة ٦٩٠ ، وقد ترجم الكتاب إلى العربية جبرائيل بن يوسف الشهير بالمخلع وهو مطبوع بمصر سنة ١٢٦٣ ، قال سعدي في ضمن حكاية (في صفحة ٨٧) ما ترجمته : فقلت : وأين تلك السفرة يا طويل الخبرة؟ فقال : قصدي أن آخذ الكبريت الفارسي إلى الصين لأني سمعت أنه هنالك ثمين. ومن هناك آخذ القماش الهندي وأحضره إلى الروم وآخذ الأقمشة الرومية إلى الهند للربح المعلوم وآتي بالفولاذ الهندي إلى حلب فآخذ الزجاجات الحلبية إلى اليمن ولو مع التعب.