البلاد زلزلة شديدة تهدم فيها كثير من الأبنية وقتل تحت الهدم عالم كثير وأوجبت هذه الحادثة أكدارا كثيرة في الآستانة اه (١).
وقد ظفرت بقصيدة مخمسة لمحمد تقي الدين ابن الشيخ محمد المطلبي وهو قاطن في ديار حلب في هذه السنة وهي تصف تلك الزلازل وتذكر البلاد والأماكن التي خربتها وقد أثبتناها على ما فيها من التسامح من ناظمها والتحريف من ناسخها قال :
ما لليالي تمادى في مساويها |
|
والدهر كدر لذاتي وصافيها |
والحادثات رمتني في دواهيها |
|
والعين بالدمع ما جفت مآقيها |
والبيض والسمر ما كلت مواضيها |
||
حلت علينا مصائب أوجبت هرمي |
|
مما ألم بنا في الأشهر الحرم |
زلازل لم ترى أمثالها إرم |
|
كأنها السيل سيل العارض العرم |
أو بحريم طغى من عند منشيها |
||
تزلزل العقل منا والقلوب دوت |
|
والروح ماجت وفي بحر الهموم هوت |
وجمرة الحرب في وسط الفؤاد ثوت |
|
أخنت ضلوعي وعيني الغزار كوت |
فسال دمعي من عيني ليطفيها |
||
في كل يوم رجيف لا يفارقنا |
|
والأرض تهتز جل الله خالقنا |
في كل آن نظن الدهر خانقنا |
|
والله حافظنا والله رازقنا |
كأننا سفن زالت مراسيها |
||
قد حل في أرضنا من كل نائبة |
|
هز وهد وتكدير ورائبة |
ووقع دور وأوطان ونادبة |
|
وموت أهل وأولاد وتاقبة |
تبكي على أهلها من عاد يحويها |
||
تلك الرزايا تمادت ليس يحصرها |
|
مر الزمان ولا الأيام تقصرها |
كأن أرواحنا والدهر يعصرها |
|
عصر العصير ولا الأوقات تنصرها |
مثل الدقيق سطت في سوافيها |
||
والنفس في إصر والقلب في فكر |
|
والأهل في كدر والجسم في ضجر |
__________________
(١) ذكر عبد الله المراش في تاريخه مختصر تاريخ حلب أن القتلى نحو عشرين ألفا.