وقال المحلي : أقام السلطان سليم بحلب نحو العشرين يوما ، وكان مع الغوري خلفاء المشايخ مثل خليفة سيدي أحمد البدوي وسيدي عبد القادر الجيلاني وسيدي إبراهيم الدسوقي وأمثالهم ، فلما وقعت الكسرة على الغوري بقي المشايخ بحلب ، فلما سمعوا بأن السلطان سليما قادم إلى حلب خافوا من سطوته فأخذوا في الذهاب إلى نحو الشام ، فلما رآهم على بعد مع الرايات والأعلام قال : ما هؤلاء؟ قالوا له : هؤلاء خلفاء المشايخ كانوا جاؤوا مع الغوري فلما كسر خرجوا يريدون الذهاب إلى مصر ، فأمر بإحضارهم فلما مثلوا بين يديه أمر برمي رقابهم واحدا بعد واحد ولم يرحم منهم كبيرا لكبره ولا صغيرا لصغره فقتلهم عن آخرهم فرحمهمالله أجمعين وكانوا يزيدون على ألف رجل. ثم أمر بالتوجه إلى الشام وكان المشير عليه بذلك خاير بك.
قال ابن إياس : كان خاير بك موالسا على السلطان في الباطن وكان أول من كسر عسكر السلطان وانهزم عن ميسرته وتوجه إلى حماة ، ولما ملك ابن عثمان حلب أرسل خلفه ، فلما حضر خلع عليه وصار من جملة أمرائه ولبس زي التراكمة العمامة المدورة والدلامة وقص ذقنه وسماه السلطان خاين بك لكونه خان سلطانه.
رحيل السلطان سليم من حلب إلى الشام
قال في در الحبب : في اليوم العشرين من شعبان رحل السلطان سليم إلى الشام فهرب من بقي من الجراكسة عند وصوله إلى قارة ، فنزل بالقابون التحتاني فلاقاه علماء الشام وأعيانها ، كما فعل الحلبيون إذ لا قوه ، فآمنهم وصلى بها الجمعة وتصدق بها سرا وعلنا ، ثم رحل منها إلى الديار المصرية واستولى عليها ، وكان قد تسلطن بها الأمير طومان باي الدوادار الكبير وجرى بينهما حروب يطول شرحها بسطها ابن إياس وغيره ، ولما استولى عليها جعل فيها خاير بك نائبا عنه وبقي إلى أن مات فيها سنة ٩٢٨.
قال في در الحبب : ثم إن السلطان سليما عاد من مصر إلى الشام سنة ٩٢٣ وأمر فيها ببناء تكية الصالحية ، ثم إلى حلب إلا أنه نزل بمرج دابق ، ثم سار إلى تخته بالقسطنطينية. وفي سنة خمس وعشرين ورد أمره بسوق ستين رجلا من تجار حلب إلى طرابزون فحصل القبض عليهم في ليلة واحدة بحيث صاروا يأتون باب الرجل فيطرقونه وهو لا