فيها من مال وسلاح وغير ذلك ، فكان الذي ظفر به السلطان سليم في هذه الواقعة من الأموال والسلاح والتحف وغير ذلك لا ينحصر ولا يضبط ، وقد قسم له ذلك من القدم واحتوى على خيول وبغال وجمال لا يحصى عددها ، واحتوى على خيام وبرك ولا سيما ما كان مع السلطان وأمراء العساكر كما يقال في المعنى :
ألا إنما الأقسام تحرم ساهرا |
|
وآخر يأتي رزقه وهو نائم |
ودخل المرة الثانية فصلى صلاة الجمعة في جامع الأطروش الذي بحلب وخطب باسمه ودعي له على المنابر في مدينة حلب وأعمالها وزينت له مدينة حلب وأوقدت له الشموع على الدكاكين وارتفعت له الأصوات بالدعاء وهو مار عند عوده من الجامع وفرح الناس به فرحا شديدا.
قال العلامة القطبي في تاريخ مكة : لما حضر السلطان سليم صلاة الجمعة في حلب خطب الخطيب باسمه الشريف ودعا له ولآبائه وأسلافه وبالغ في المدح والتعريف ، وعندما سمع الخطيب يقول في تعريفه (خادم الحرمين الشريفين) سجد لله شكرا وقال : الحمد لله الذي يسر لي أن صرت خادم الحرمين الشريفين ، وأضمر خيرا جميلا وإحسانا جليلا لأهل الحرمين الشريفين وأظهر الفرح والسرور بتلقبه بخادم الحرمين المنيفين وخلع على الخطيب خلعا متعددة وهو على المنبر وأحسن إليه إحسانا كثيرا بعد ذلك.
ودخل المرة الثالثة ونزل إلى الحمّام وأنعم على المعلم بمبلغ له صورة.
قال في در الحبب في ترجمة السلطان سليم خان رحمهالله : دخل حلب في رجب سنة اثنتين وعشرين وتسلم قلعتها بالأمان من جماعته رجل أعور أعرج. ثم إنه طلع إليها بنفسه وجمع بأمره من تجارها مالا كثيرا سموه مال الأمان وصاروا يبذلونه بطيب نفس لخوفهم يومئذ على النفس ، ولم يحصل بحلب وجيشه مقيم عليها من القحط ذرة بالمرة مع كثرة جيوشه التي كانت معه التي ملأت السهل والجبل.
قال ابن إياس : لما دخل السلطان سليم إلى حلب نادى فيها بالأمان والاطمئنان والبيع والشراء وكل من كان عنده للأمراء والعسكر شيء من خيول أو سلاح أو قماش يحضر ما عنده ، وإن لم يحضر ما عنده وغمز عليه شنق من غير معاودة. قال : واستمر الخليفة والقضاة الثلاثة الشافعي والمالكي والحنبلي في الترسيم بحلب لا يخرجون منها إلا أن يأذن لهم ابن عثمان.