إلى ورائهم. ولما ولي المترجم الوزارة أخمد بحسن تدبيره ثائرة الفتن وأكثر من محو أصحاب الكلمة وفرق شملهم ، وخرج في أثناء وزارته على الدولة حسن باشا محافظ حلب وتبعه ابن الطيار كافل الشام والوزير كنعان وانضاف إليهم من العسكر جمع عظيم ، وكان خروجهم خوفا من صاحب الترجمة وحسدا له فصرف وجه همته إلى الانتقام منهم فقتلوا على يد مرتضى باشا.
ثم قال : وبعد أن تمهدت البلاد وتوطدت أحوال الملك وأمنت الغوائل واطمأنت الناس تفرغ الوزير صاحب الترجمة لإجراء الخيرات فعمر الخان المعروف به في طريق قسطنطينة بين أسكي شهر وأزنيق والخان والعمارات الكثيرة في إدلب وفي بلاد روم إلي مما صار تعلقا عظيما وجوارا جسيما ، ثم وقف على جهات ، وقد وقفت على صورة الوقفية بإنشاء المولى أنسي وذكرت ديباجتها في ترجمته.
وصف إدلب
للفاضل برهان الدين أفندي العيّاشي مفتيها الآن
قال في رسالة أرسلها إلينا : «إدلب» هي قصبة قديمة إسلامية بها جامع عمري ، ولم أقف لها على ترجمة فيما وصل إلي من كتب التاريخ ولا عرفت بانيها ولا اطلعت لأحد من المتقدمين على ذكرها سوى ما ذكره السيد مرتضى الزبيدي في شرحه للقاموس بقوله : وفاته ذكر إدلب وهما قريتان كبرى وصغرى من أعمال حلب. اه.
وكلامنا الآن على إدلب الصغرى لأن الكبرى الآن خراب يباب ، وهي الآن من أعمال حلب وموقعها بالجانب الجنوبي الغربي من حلب والمسافة بينهما اثنتا عشرة ساعة والطريق بينهما سهل ، وبناؤها في بسيط مرتفع من الأرض وعمارتها من الحجر الصلد الخالص البياض وأزقتها واسعة ومفروشة بالبلاط وهي كثيرة المساجد وصلاة الجمعة تقام بها في ثلاثة عشر جامعا وأهلها مسلمون يقلدون الإمام الشافعي في عباداتهم ، وفيها ما يقارب مائة بيت من طائفة نصارى الروم الأرثوذكس وعاداتهم في الغالب تشابه عادات المسلمين حتى إن نساءهم يستترن كتستر النساء المسلمات ، وبين الفريقين ألفة ومودة ، ولسان أهلها عربي ، وفيهم سجية الكرم وحب الغريب وإكرام الضيوف ، وبها مصانع وصهاريج لجمع ماء المطر ومنه يشرب أهلها لفقد الماء الجاري بها ، ويوجد في بعض بيوت الأغنياء