إلى حلب ، فبينما هم مقيمون بلغهم وفاة المؤيد وتوفي في شهر المحرم واستخلاف ولده تتر المذكور ، فحصل لهم أمر عظيم ، فقصدوا التوجه إلى القاهرة ويشبك نائب حلب بحلب وتكررت لهم المكاتبات بسرعة الحضور ، فخرجوا من حلب وجاء الأمير الكبير القرمشي ليودعه فطلع يشبك إلى مأذنة جامع الناصري داخل دار العدل فأشار إليه بالسلام الأمير الكبير وخرجوا من حلب.
ويذكر أن يشبك طلب منجمه ابن الفلكي واستشاره في الخروج إليهم فقال له : هذه ساعة لا أرى لك الخروج فيها ، فلم يلتفت إليه فخرج في إثرهم فقتل وقطع رأسه وكان أضمر سوءا كثيرا لأهل حلب فوقاهم الله شره وجعل كيده في نحره وعلق رأسه بباب القلعة وذلك رابع عشر المحرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة ثم دفن مع عظم رأسه بعد يوم في المكان الذي أنشأه بحلب عند باب السر ، ثم أخذت جلدة الوجه والرأس بعد أيام فدفنت معه ، فلما اتفق ذلك عادوا إلى حلب ونهبوا موجوده وأقاموا أياما. انتهى.
ترجمة يشبك بن عبد الله اليوسفي المتوفى سنة ٨٢٤ وسببه قتله
قال في المنهل الصافي (١) : هو يشبك بن عبد الله اليوسفي المؤيدي الأمير سيف الدين نائب حلب ، هو من مماليك الملك المؤيد شيخ اشتراه في أيام إمريته ورباه وأعتقه إلى أن تسلطن ولاه شاد الشراب خاناه ، ثم أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية ، واستمر على ذلك إلى أن ولي نيابة طرابلس بعد عصيان الأمير سودون بن عبد الرحمن في سنة ثماني عشرة وثمانمائة فدام في نيابتها إلى سنة عشرين ، ثم ولي حلب بعد الأمير قجقار القردمي في هذه السنة فدام فيها إلى أن توفي أستاذه الملك المؤيد والعساكر المصرية بتلك البلاد ، وكان المقدم على الأمراء والعسكر المصري الأمير ألطنبغا القرمشي وكان الجميع بحلب ، فلما بلغهم موت السلطان وقع الاتفاق بينهم على عودهم إلى دمشق فخرجوا من حلب إلى نحو دمشق وتخلف يشبك هذا بحلب ولم يخرج لوداعهم ، ثم بدا له أن يخرج من حلب ويطوقهم بغتة فركب من وقته قبل أن يأكل السماط وساق خلفهم حتى لحقهم
__________________
(١) مخطوط في خمسة مجلدات ضخمة تأليف الفاضل يوسف بن تغري بردي المصري المتوفى سنة ٨٧٢ تفضل بإرساله إلينا إعارة من مصر سعادة الوجيه المفضال أحمد باشا تيمور فالتقطنا منه ماله علاقة بحلب وأثبتناه في محاله وهو مما وقفه على مكتبته الحافلة التي أنشأها بمصر وأودع فيها نفائس الأسفار وجلائل الآثار وشيّد لها بناء خاصا فجزاه الله على حسن صنيعه أحسن الجزاء.