قرروا فيه أن تبقى الأقطار المصرية مع قسم صغير من الديار الشامية ويكون ذلك من بعده لذريته ، وكلفوا محمد علي باشا بالانسحاب في مدة عشرة أيام ، فعظم ذلك لديه ولم يصادق عليه ، فاتفقت هذه الدول مع الدولة العلية على إشهار الحرب على الحكومة المصرية ، وأرسلت الدولة الإنكليزية سنة ١٨٤٠ م عمارة بحرية تحت قيادة الورد دوبرت ستابفورد فضرب بيروت فسلمت في الحادي عشر من شهر أيلول واضطرت بقية السواحل إلى التسليم ، ولما رأى محمد علي باشا أنه أصبح في مركز حرج ولا يمكنه مقاومة الدول الأورباوية جنح للسلم وسحب عساكره من البلاد السورية بعد حروب عديدة ووقائع هائلة اه.
وقال جرجي زيدان في كتابه مشاهير الشرق في ترجمة الأمير بشير الشهابي :
رأت الدول أن إبراهيم باشا لا بد من إخراجه من سورية بالقوة فجاء (ريشاردوود) الإنكليزي بمأمورية سرية وكان يعرف العربية فأغرى السوريين على كتابة عرض يطلبون فيه من الدولة العلية وسفراء دول إنكلترا وفرنسا والنمسا أن يخرجوا الجنود المصريين من بينهم ، فكتبوا وأرسلت الكتابة إلى الآستانة فجاء الأميرال نابيه في عمارة إنكليزية إلى مينا بيروت ، وبعث يتهدد متسلميها ويبشر اللبنانيين والسوريين بقدوم عمارات أخرى لإنقاذ سورية من الدولة المصرية ، ثم جاءت العمارة العثمانية وفيها بوارج إفرنجية وأطلقت المدافع على بيروت فتحققت الجنود المصرية أن الانسحاب أولى بهم بعد أن دافعوا دفاع الأبطال وصبروا صبر الرجال اه.
خروج إبراهيم باشا من حلب
قال الشيخ أبو الوفا الرفاعي في مجموعته ومن خطه نقلت : من الحوادث في شهر رمضان سنة ١٢٥٦ قدوم الحاج يوسف بك شريف زاده إلى حلب بشرذمة قليلة من العسكر المجمعين من الأطراف ، وابتهج الناس لقدومه لأنه الحكمدار من طرف السلطنة السنية. وكان ذلك بعد ذهاب إبراهيم باشا المصري وجنده الذين تجمعوا وتنصلوا من داخل حلب إلى الشيخ يبرق وباتوا ليلة واحدة ، ثم في اليوم الثاني توجهوا نحو قبلة بعد أن ألقى الله تعالى الرعب في قلوبهم بأجمعهم ومعهم الأطواب والدواب ، وكانوا قبل ذلك أرسلوا حريمهم وأثقالهم بعد أن باعوا من أمتعتهم ما يثقلهم بأبخس الأثمان ، وبعد رحيلهم من الشيخ يبرق دخل الناس فصاروا يقلعون البلور والحديد والرفوف التي أبقوها اه.