الكلام على مرج دابق
وعلى قبر سليمان بن عبد الملك
ذكرت في الجزء الأول في صحيفة ١١٩ ما قاله ياقوت في المعجم من الكلام على دابق ، وهنا أتكلم على حالة هذا المرج الحاضرة وعلى قبر سليمان بن عبد الملك فأقول :
قال أبو ذر في كنوز الذهب : ومنهم (أي وممن دفن في حلب أو في معاملاتها من الملوك) سليمان بن عبد الملك قبره بدابق ، وقد وقع الحريق بها حتى احترق الرجال والدواب وذلك في سنة ثمان ومائة ، واستخرج من قبره في أيام السفاح فلم يوجد منه إلا صلبه وأضلاعه ورأسه فأحرق ، وبويع سليمان المذكور بدمشق في اليوم الذي كانت فيه وفاة الوليد ، وذلك يوم السبت النصف من جمادى الآخرة سنة ست وتسعين ، وتوفي يوم الجمعة عاشر صفر سنة تسع وتسعين ومات وهو ابن تسع وثلاثين سنة.
وقرأت في المنتظم أن سليمان كان يوما جالسا ينظر في المرآة إلى وجهه وكان حسن الوجه فأعجبه ما رآه من جماله وكان على رأسه وصيفة فقال : أنا الملك الشاب ، فرأى شفتي الجارية تتحركان فقال لها : ما قلت؟ قالت : خيرا ، قال : لتخبريني ، قالت :
قلت :
أنت نعم المتاع لو كنت تبقى |
|
غير أن لا بقاء للإنسان |
وزاد غيره في الشعر :
أنت خلو من العيوب ومما |
|
يكره الناس غير أنك فاني |
ثم خرج إلى المسجد فخطب فسمع أقصى من في المسجد صوته ، ثم لم يزل يضعف وانصرف محموما حمى موصولة بمنيته. انتهى.
ورأيت في «مصباح العيان» أنه لما حمل إلى بيته قال : عليّ بتلك الوصيفة التي كانت قائمة على رأسي ، فجاءت فقال : أعيدي ما قلت ، قالت : وما قلت؟ قال : ألست القائلة : أنت نعم المتاع لو كنت تبقى؟ فقالت : والله ما طرق سمعي هذا قط ، فعلم أن نفسه قد نعته فمات اه.