توجه السلطان الغوري من حيلان إلى مرج دابق
والملحمة العظمى فيه
قال ابن إياس : صبيحة يوم الأربعاء في الحادي والعشرين من رجب رحل السلطان الغوري من حيلان وتوجه إلى مرج دابق فأقام به إلى يوم الأحد الموافق للخامس والعشرين من رجب ، فلم يشعر إلا وقد دهمته عساكر السلطان سليم شاه ، فصلى صلاة الصبح ثم ركب وتوجه إلى زغزغين و (تل رفاد) قيل إن هناك مشهد نبي الله داود عليهالسلام ، فركب السلطان وهو بتخفيفة وملوطة على كتفه طبر وصار يرتب العسكر بنفسه ، وكان أمير المؤمنين على الميمنة وهو بتخفيفه وملوطة وعلى كتفه طبر مثل السلطان وعلى رأسه الصنجق الخليفتي ، وكان حول السلطان أربعون مصحفا في أكياس حرير أصفر على رؤوس جماعة أشراف وفيها مصحف بخط الإمام عثمان بن عفان رضياللهعنه ، وكان حول السلطان جماعة من الفقراء وهم خليفة سيدي أحمد البدوي ومعه أعلام والسادة الأشراف القادرية ومعهم أعلام خضر وخليفة سيدي أحمد بن الرفاعي ومعه أعلام والشيخ عفيف الدين خادم السيدة نفيسة رضياللهعنها بأعلام سود ، وكان الصبي قاسم بك (١) بن أحمد بك بن عثمان واقفا بإزاء الخليفة وعلى رأسه صنجق حرير أصفر وقيل أحمر ، وكان الصنجق
__________________
(١) قال ابن إياس : قاسم بك هو من سلالة آل عثمان وهو ابن أحمد بك بن بيازيد وهو ابن أخي السلطان سليم ، وكان عمه السلطان سليم لما قتل أخاه أحمد بك فرّ ابنه قاسم هذا هو ولالاه ودخل إلى حلب في الخفية ثم جاء إلى مصر وأقام بها إلى أن خرج السلطان الغوري إلى جهة البلاد الشامية فأخذه صحبته ليبلغ بذلك مقاصده فلم يفد من ذلك شيئا ، وكان عمره إذ ذاك ثلاث عشرة سنة وكان السلطان قد قام له بمصالح البرق وتكلف عنه بنحو ألفي دينار حتى يظهر أمره ويشاع ذكره في بلاد بني عثمان بأن في مصر من أولاد بني عثمان ولدا ذكرا ، وظن السلطان أن عسكر ابن عثمان إذا سمعوا ذلك يخامرون على سليم شاه ويأتون إلى هذا الصبي قاسم بك فلم يظهر لهذا الأمر نتيجة ولا أفاد شيئا.