وفي ذي الحجة حضر تاني بك الظاهري أحد رؤوس النوب وكان من جملة من خرج في التجريدة فأخبر بكسر العسكر ورجوعه من حلب ، وهذه ثاني كسرة وقعت لعسكر مصر مع سوار ، فلما تحقق السلطان ذلك اضطربت أحواله وماجت القاهرة بمن فيها.
وكان سبب انكسار العسكر أن سوار تحيل عليهم حتى دخلوا في مواضع ضيقة بين أشجار فخرج عليهم السواد الأعظم من التركمان بالقسي والنشاب والسيوف والأطبار فقتلوا من العسكر ما لا يحصى عددهم ، وأخبر تاني بك بقتل الأمير قرقماس الجلب وسودون القصروي حمل مجروحا إلى حلب فمات بها وكان قد طعن في السن وناف على الثمانين سنة ، وقتل كثيرون من الأمراء الكبار سردهم ابن إياس ثم قال : وأما من قتل من الجند والمماليك السلطانية ومشايخ عربان جبل نابلس والعشير التركمان والغلمان فما أمكن ضبطه.
وكانت هذه من الواقعات المشهورة التي لم يسمع بمثلها ، فلما شاع بين الناس ذكر من قتل من الأمراء والعسكر صار بالقاهرة في كل حارة نعي ليلا ونهارا مثل أيام الوباء ، فزاد قلق الناس من سوار ودخل الوهم في قلوب العسكر مثل أيام تمرلنك وصاروا يرعدون من ذكره ، وصار العسكر بعد ذلك يدخلون إلى القاهرة في أنحس حال من العري والجوع وبعضهم مجروح وبعضهم ضعيف ، وكان يدخل بعضهم وهو راكب على حمار أو جمل أو يدخل ماشيا وهو عريان ، ولم يلاقوا في هذه التجريدة خيرا.
سنة ٨٧٤
ذكر انكسار عسكر سوار على يد نائب ملطية
قال ابن إياس : وفي صفر جاءت الأخبار من حلب بأن قرقماس الصغير نائب ملطية تقاتل مع عسكر سوار وأسر جماعة كثيرة من أمرائه وأقاربه ، وكان ذلك بمكيدة صعدت بيد قرقماس حتى بلغ فيها ذلك.
ذكر تولية حلب للأمير قانصوه اليحياوي
قال ابن إياس : وفي ربيع الآخر أرسل السلطان خلعة إلى قانصوه اليحياوي باستقراره في نيابة حلب عوضا عن إينال الأشقر وكتب إلى إينال الأشقر بالحضور إلى القاهرة على تقدمة ألف بها.