وفي ربيع الأول وصل دوادار نائب حلب وأخبر بصحة كسرة ابن عثمان والقبض على أحمد بك بن هرسك وجماعة من أمراء ابن عثمان وأعيانهم ، وقد أخذ العسكر المصري من النهب ما لا يحصى من خيول وجمال وسلاح وبرك وقماش وغير ذلك وأخذوا صناجقهم وكانوا نحوا من مائة وعشرين صنجقا ، وقد قطعت عدة وافرة من رؤوس عسكر ابن عثمان وستحضر صحبة قيت الرحبي الساقي الخاصكي ، فسر السلطان لهذا الخبر وخلع على دوادار نائب حلب خلعة حافلة.
وفي ربيع الآخر وصل قيت الساقي من حلب ومعه عدة وافرة من الرؤوس التي قطعت من عسكر ابن عثمان ، فلما دخل القاهرة زينت له زينة حافلة واصطفت الناس للفرجة فدخل وقدامه الرؤوس محمولة على الرماح وكان عدتها ما يزيد على مائتي رأس.
ذكر عود العساكر العثمانية مع العساكر المصرية
قال ابن إياس : وفي جمادى الآخرة جاءت الأخبار بأن عسكر ابن عثمان لما حصلت لهم تلك الكسرة جمع جيشا كثيفا ورجع إلى المحاربة ثانيا ، وأن عسكر السلطان بعد أن رجع إلى حلب خرج ثانيا إلى نحو كولك ، فتنكد السلطان إلى الغاية لهذا الخبر ونادى للعسكر بالعرض وعين جماعة من الأمراء المقدمين والجند فكانوا نحوا من خمسمائة مملوك ، وكان الباش عليهم يشبك الجمالي الزردكاش الكبير أحد المقدمين ، ثم أنفق عليهم واستحثهم على الخروج إلى حلب وضاق الأمر بالسلطان حتى قصد أن يخرج إلى التجريدة بنفسه وأرسل السلطان إلى كرتباي الأحمر كاشف البحيرة بأن يجمع له من طائفة العربان الذين بالبحيرة ما يقدر عليه ، ثم عرض جماعة من الزعر وقصد أنه ينفق عليهم لكل واحد ثلاثين دينارا وأن يخرجوا صحبته وصار ينتظر ما يرد عليه من الأخبار ، ثم خرج الأمير يشبك الجمالي ومن عين معه من الجند إلى جهة حلب فكان لهم يوم مشهود.
وفي ذي القعدة كان دخول الأتابكي أزبك وبقية الأمراء والجند ممن كانوا مسافرين في التجريدة إلى علي دولات وإلى عسكر ابن عثمان. فلما دخلوا إلى القاهرة كان لهم يوم مشهود ، وقدامهم الأسراء من عسكر ابن عثمان وهم مزنجرون والصناجق منكسة وكان