أو في الولايات كان يوجد كثير من الرجال قلوبهم قاسية كالحجر الأسود ، وكان سوء الإدارة في جميع أطراف المملكة بصورة لا يمكن التعبير عنها ، وكان لا يوجد طريقة لإزالة هذه الأمور إلا بتجديد نظامات الدولة وإدخال الإصلاح في دوائرها ، وكان أول من حاز قصب السبق في ذلك محمد علي باشا والي مصر اه.
زيادة بيان في ثورة أهل حلب على واليهم خورشيد باشا
قال المراش في مختصر تاريخ حلب : لما أفضى الأمر إلى السلطان محمود العثماني وذلك في سنة ١٢٢٣ شرع في وضع نظام جديد للمملكة مغاير للنظام الذي جرى عليه سلفاؤه ، ونوى أن ينفي من جنده جماعة المتطوعة المعروفين بالأنجكارية لأن استمرارهم في الجيش ينافي النظام الجديد ، وكان قد صح عنده أنهم سيتغلبون عليه كما تغلبوا على سلفائه حتى لم يبقوا لهم من الخلافة سوى الخطبة والسكة ، وأضمر أن ينكبهم نكبة الرشيد للبرامكة ، وولى على البلاد التي كان فيها فئة منهم ولاة من أهل ثقته وفوض إليهم إنجاز ما شرع فيه ، وعقد على ولاية حلب لرجل من أوليائه يقال له أحمد خورشيد باشا.
وقد تقدم أن حلب كانت على انحطاطها لم تزل من أهم مدن المملكة العثمانية تجارة وكثرة أهل وكان المسلمون من أهلها حزبين أحدهما يعرف بحزب السيدة وهم الأقل عددا والأعظم شأنا وذلك كان فيهم أكثر الخاصة والأعيان وذوي الوجاهة والمنظورين ، والآخر يعرف بحزب الأنجكارية وكان فيه الأنجكارية أنفسهم ومن كان ضلعه معهم من العامة.
وكانت نفوس هذه الفئة لم تطب لقبول النظام الجديد لما كان يلزم عنه من نزع امتيازات الأنجكارية وانكسار شوكتهم ، فلما صارت الولاية لخورشيد باشا المتقدم ذكره وأشعروا بما كان السلطان يضمره من قطع دابر الأنجكارية على يده ناصبوه العداوة فثقل الوطأة عليهم وعلى كل من كان قائما بنصرتهم أو متصفا بشعارهم من أهل المدينة ، وأقبل يعريهم شيئا فشيئا عن كل ما كان لهم من امتيازات قديمة كانوا قد حصلوا عليها وتفردوا بها من حيث هم جند السلطان وحماة آل عثمان ، فساواهم بغيرهم من الناس في الضرائب وكانوا قبل ذلك معفيين منها ، وجعل ينكس أعلامهم ويحملهم من عنفه ما لم يألفوه ويتحكم فيهم بهواه حتى لم يبق لهم سبيل إلى الشك في أنهم قد أصبحوا على أثر النظام الجديد رعية بعد أن كانوا رعاة ، وصاروا مرؤوسين بعد أن كانوا رؤساء ، فنقموا عليه ذلك فيما نقموا وعقدوا عزمهم آخر الأمر على الثورة به وخلع ربقته من أعناقهم. وكان مما نقموا