وصول ذلك الجبار والليث المغوار إبراهيم باشا ، فلم يسعه إلا الرحيل من هذه الديار ، فقسم جيشه إلى قسمين وأرسله إلى الإسكندرونة على طريقين الأول سار على طريق كلّز وبيلان وسار هو في الثاني عن طريق أنطاكية ، وتبعه والي حلب ووالي دمشق الشام ، وعند وصوله إلى الإسكندرية أقام فيها.
استيلاء إبراهيم باشا على حلب
قال في المناقب الإبراهيمية : إن إبراهيم باشا لما استولى على حمص وحماة سار إلى حلب على طريق تل السلطان فمعرة النعمان فحلب ، وكان وصوله إليها في اليوم الثامن من شهر صفر سنة ١٢٤٨ ألف ومائتين وثمانية وأربعين هجرية ويوافق ذلك السابع عشر من تموز سنة ١٨٣٢ مسيحية وذلك بعد خروج حسين باشا من المدينة بيومين ، فاستقبله أهلها بالترحيب والتفخيم ودخلها بموكب عظيم ، وكان أول من ورد إليه للتهنئة والسلام قناصل الدول العظام ، ثم جاء القاضي والمفتي (كان المفتي في ذلك الحين محمد أفندي الجابري ذكر ذلك الشيخ بكري الكاتب في مجموعته) وأعيان البلد وباقي الوجوه والعمد فسلموا عليه وهنأوه ، وبعد أيام قلائل وردت إليه الكتب والرسائل من عمال تلك الديار تعرب عن تهنئته والانتظام في سلك دولته.
وبعد أن نظم أحكام المدينة وأذعنت لطاعته جميع الولايات الكائنة في تلك الجهات كديار بكر ونواحيها وأورفة وما يليها ونصب بها الولاة والمتسلمين تجهز للارتحال إلى الإسكندرونة للقاء حسين باشا ، وكان رحيله من حلب في اليوم السابع والعشرين من صفر فوصل إلى بيلان في اليوم الثاني من ربيع الأول.
انكسار الجيش العثماني في بيلان
قال في المناقب : كان حسين باشا عند مروره ببيلان أقام فيها سبعة عشر ألفا من الرجالة والفرسان ليقطع على المصريين منافذ الطريق بإقامة الحواجز عند باب مضيقها بحيث كان يستطيع بألف مقاتل يدفع عشرين ألفا بالنسبة إلى مركزها الشاهق. فلما أقبل إبراهيم باشا إليها وأشرف بجيشه عليها وجدها مشحونة بالعساكر والمؤن فبادر إلى الحرب وقسم جيشه إلى أربعة أقسام وأقام كل قسم في مكان ، ولما اختبر إبراهيم باشا مراكز