وكان ورديش شجاعا بطلا وأصله من مماليك الظاهر جقمق يعرف بوردبش بن محمود شاه وتولى عدة وظائف سنية منها نيابة سيس ثم نيابة قلعة الروم ولم يباشرها ثم تولى نيابة البيرة ، ثم بقي أتابك العساكر بحلب ثم بقي مقدم ألف بمصر ثم بقي نائب حلب واستمر بها إلى أن قتل على يد علي دولات باي ، وقتل أيضا ألماس نائب صفد وعدة من الأمراء (ذكرهم ابن إياس).
ذكر العود لمحاربة علي دولات وانكسار عساكره
قال : ثم جاءت الأخبار من بعد ذلك بأن الأمير تمراز لما حصلت هذه الكسرة لعسكر حلب ركب هو والأمير أزدمر أمير مجلس [نائب حلب السابق] والعسكر المصري وتوجهوا إلى علي دولات فتقاتلوا معه ، فانكسر علي دولات وعسكره وعسكر ابن عثمان ونهبوا جميع بركهم وأخذوا صناجق ابن عثمان ودخلوا بها إلى حلب وهي منكسة ، وكانت هذه الحركة أول الفتن مع ابن عثمان واستمرت من يومئذ عمالة (١) مع سلطان مصر ومعه حتى كان من أمرهما ما سنذكره. وكان أصل هذه الفتنة تعصب ابن عثمان لعلي دولات ، وكان ابن عثمان متحملا على سلطان مصر في الباطن بسبب أشياء لم تظهر للناس.
ذكر تولية حلب للأمير أزدمر
للمرة الثانية
قال ابن إياس : وفي ذي القعدة أرسل السلطان خلعة إلى أزدمر بن مزيد أمير مجلس ورسم له بعوده إلى نيابة حلب كما كان أولا عوضا عن وردبش بحكم قتله عند علي دولات.
وفي ذي الحجة جمع السلطان الأمراء وضربوا مشورة في أمر ابن عثمان بسبب ما وقع منه في تعصبه لعلي دولات ، فأشار السلطان هو والأتابكي أزبك وغيره من الأمراء بأن السلطان يرسل هدية على يد قاصده وتزول هذه الوحشة من بينهما ، فانصاع السلطان لهذا الكلام وعين في ذلك المجلس الأمير جاني بك حبيب أمير أخور ثاني ، وقد تقدم أنه توجه إلى يعقوب بن حسن الطويل ملك العراقين.
__________________
(١) لعل قصده متواصلة.