سوق الخراطين بعد حل عدة أوقاف منه وأضاف إليه ما وراءه ليعمر كلاهما سوقا وخانا فعزل وصار باشا مصر فعمر في غيبته وجعل باب الخان تجاه الحمام حمام الست (هو خان النحاسين) ثم عزل منها فدخل حلب وهو وجل من أن يتوجه إلى الباب العالي فيقتل ثمة لداع دعاه إلى الوجل من حلول الأجل ، فوقف ما عمر وأوصى بعمارة تكية وخان بتليلة عيشة (١) وكانت تلة عيشة في الدولة الجركسية ميدانا صغيرا يلعب فيه بالرمح مماليك كفال حلب في بعض التلة المذكورة ، ثم عمر من بعده خانه الثالث الذي لم يعمر يومئذ مثله في السعة ما بين خانات حلب في بعض التلة المذكورة (٢) ، ووجد في أثناء عمارته تحت الأرض كنيسة قديمة وماعون من الحديد فيه شيء أسود لم يدر ما هو ، وكان متولي عمارة سوق الجديد وما فيه من الخانات يضع آلات العمارة من الكلس والخشب والدف وغير ذلك بالمدرسة الحدادية فدخل بعض أهل العلم إلى محمد باشا بعد عام العمارة وحمله على أن يجعل لها خادما ومؤذنا وإماما إن لم يجعل لها مدرسا ويقف عليها بعض حوانيته من السوق المذكور تلافيا لما صدر من شأنها من الفساد ، وكانت يومئذ عديمة الوقف ، فوعد ولم يف بما وعد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ثم كانت وفاته بالروم سنة أربع وستين وتسعمائة اه.
أوقاف محمد باشا بن أحمد باشا بن دوقه كين
جميع الخان الكائن بالقرب من السفاحية حده قبلة الطريق السالك وشرقا دار السعادة وشمالا سوق العطارين وقف اليشبكية ، ومن الغرب السوق المعمور المعروف بإنشاء الواقف.
__________________
(١) قال أبو ذر في الكلام على الدروب : درب به حماما الست وقد تعطلت إحداهما ، ويصعد من هذا الدرب إلى فندق عائشة وتقدم أنها عائشة بنت صالح بن علي بن عبد الله بن العباس وكانت بارعة في الجمال تزوج بها موسى الهادي ، وهذا المكان نزه وبه مسجدان أحدهما بوسطه وقد اندثر والآخر بذيله ، وأحكار هذا الفندق جارية الآن في وقف الجامع الكبير.
(٢) هو الخان المشهور بخان العلبية. وأما التكية فيغلب على الظن أنها المكان الذي هو الآن بخان صغير في شرقي الجامع له باب من الجادة ، يرشدك إلى ذلك الباب المسدود الذي هو في جدار الجامع الشرقي وهذا الخان أصبح ملكا.