سنة ١٢٨٣
ذكر تولية حلب لجودت باشا
تولى حلب في هذه السنة جودت باشا وهو أحد أعاظم رجال الدولة العثمانية وصاحب التاريخ العظيم المشهور باسمه ، وفي تاريخنا هذا تجد عنه نقولا كثيرة بل هو مادتنا في السنين الأخيرة كما ترى. وقد حدثنا عنه غير واحد أنه كان عالما فاضلا تلقى العلوم الشرعية وتزيا مدة بزي العلماء ، وهو أحد رجال مجلة الأحكام العدلية كما تراه فيها ، ثم انتظم في سلك المأمورين الإداريين فتزيا بزيهم وتقلب في مناصبهم إلى أن عيّن واليا على حلب في هذه السنة كما ذكرته جريدة الفرات الرسمية في عددها الصادر في ٦ ذي الحجة سنة ١٣١٢. وله في مشاهير الشرق لجرجي زيدان ترجمة حافلة صدرها بصورته (١) نقتطف منها ما يأتي :
قال : هو الوزير أحمد جودت باشا ابن الحاج إسماعيل آغا ابن الحاج علي أفندي. ولد في مدينة لوفجة التابعة لولاية الطونة سنة ١٢٣٨ ، وكان والده من أعيان لوفجة وعضوا من أعضاء مجلسها ، فربي أحمد في حجر والديه وتهذب على يديهما وتلقى مبادىء العلوم في وطنه ، وقد ظهرت عليه مخائل النجابة منذ نعومة أظفاره ، فلما شب قدم الآستانة سنة ١٢٥٥ فأقام فيها يتلقى العلوم والآداب على أحسن علمائها فأتقن الفقه وأصوله والحديث والتفسير وعلم الكلام والمنطق والفلسفة على أنواعها والرياضيات بفروعها والجغرافية والتاريخ واللسان الفارسي ، وأتقن اللسان التركي والعربي حتى نظم الشعر فيها جميعا. وفي سنة ١٢٦٠ عكف على درس القضاء فنال قصب السبق على أقرانه ونال رتبة (رؤوس تدريس). وفي سنة ١٢٦٧ عيّن عضوا في المجمع العلمي العثماني. وفي سنة ١٢٧١ عيّن قاضيا لغلطة أحد أقسام الآستانة الثلاثة. وكان كلما تقلد منصبا قام بمهامه حق القيام فانهالت عليه الرتب والمناصب والوسامات. فنال سنة ١٢٧٣ باية ولاية مكة المكرمة وتعيّن عضوا في مجلس التنظيمات ورئيسا للقومسيون المنعقد إذ ذاك لترتيب القوانين والنظامات المتعلقة بالأراضي.
وفي سنة ١٢٧٨ عيّن عضوا في مجلس الأحكام العدلية على إثر إلغاء مجلس التنظيمات وإحالته إلى مجلس الأحكام العدلية. وفي آخر سنة ١٢٧٩ عيّن مفتشا في
__________________
(١) وتوجد صورته في تاريخ الصحافة العربية في صحيفة ٦٨.