لا تقدر ، وبلدة مثل هذه البلدة يقتضي أن يكون فيها من الخضرة بهذا المقدار لتقوم بكفاية الأهالي بحيث إن الطاعون الذي حصل فيها سنة ١٦٦٩ مات فيه مائة ألف نسمة وبقي يفتك بالأهالي ثمانية أيام (تقدم الإشارة إليه في حوادث سنة ١٠٨٠).
كلامه على هوائها :
هواء المدينة وما حولها من البلاد حسن لطيف جدا ، لكن الغريب إذ دخلها وكان مبتلى بمرض من الأمراض فإن مرضه يظهر فيها وربما ساقه إلى الموت ، وهذا أمر صعب جدا على من يممها من الفرنساويين والإنكليزيين والشعوب الشمالية من الأمم التي تتعاطى شرب الخمر وتلقي بنفسها في حمأة الفسق والفجور.
كلامه على دورها ودورها وأبوابها وشوارعها وأسواقها وجوامعها وكنائسها :
يمكن للإنسان بالمشي المعتاد أن يدور حول المدينة في مدة ثلاث ساعات ، وأسواقها وشوارعها كثيرة على حالتها السابقة (كأنه يشير إلى ضيقها). ولحلب عشرة أبواب (عدّدها) ثم قال : ومفاتيح أبواب المدينة يحفظها زعيم الإنكشارية وعنده ٣٥٠ جنديا لمحافظة تلك الأبواب ، والإنكشارية معفوون من لبس طربوش التكليف (أي العسكرية الرسمية) مثل الآستانة وهم غير مجبورين على الذهاب إلى الحرب ، وهؤلاء بمثابة المستحفظ لا يساقون إلى الحرب إلا عند الاضطرار.
وبنايات حلب طبقة واحدة ، والتخوت الموضوعة في البيوت تغطى بسجاد وبسط كانت نسجت في معامل في نفس البلد ، وصناعها كانوا كثيرا ما يقلدون بعملهم أحسن مصنوعات العجم.
وفي كل دار من دور الأهلين لا يسكنها إلا عائلة واحدة ، ومتى بلغ الولد سبعا من العمر يحظرون عليه الدخول إلى مساكن النساء. وأحسن البنايات في المدينة هي أبنية الجوامع وعددها كثير ، والمنارات والقبب مصفحة بالرصاص وهي تستجلب نظر الناظرين لحسنها ، وأجمل هذه الجوامع الجامع المعروف بالبهرامية سمي باسم بانيه بهرام باشا حاكم حلب ثم جامع العادلية. وحسن الأبنية ليس في جوامع حلب بل خاناتها وأسواقها حسنة البناء أيضا ، وفي خاناتها حجر واسعة يستأجرها التجار الغرباء للسكنى ولتعاطي التجارة ، وبعض هذه الأسواق مغطاة بالرصاص (لا وجود لذلك الآن) وفي هذه