دخول خير بك إلى حلب ثم خروجه منها
مع الأمير محمد ابن السلطان الغوري
قال المحلي : وأما خير بك فإنه دخل حلب وأخذ سيدي محمد ابن الغوري وكان أبقاه أبوه على خزانته وأمواله بقلعة حلب فأخبره أن ابن شاه سوار نزل على حيلان بعشرين ألف فارس وهو قاصد أخذك وأخذ حلب ، فقال سيدي محمد : فما الرأي يا أمير خير بك ، قال : الرأي أن تنادي في العسكر بالرحيل إلى مصر ويجتمع إليك ما شئت من العسكر وتكون ملك مصر موضع أبيك وأنا مساعد لك في ذلك ، فصدقه في ذلك ونادى في حلب بالرحيل إلى مصر ومن له رغبة في المسير إلى مصر فليتبعنا ، فخرجت الناس على وجوههم وتركوا أثقالهم وأموالهم واختاروا سلامة الروح وكانت مكيدة ، وخرجوا من حلب كالهاربين ، وفعل ذلك خير بك حتى يأخذ حلب للسلطان سليم من غير حرب وكان الأمر كذلك ، فإنه أرسل إلى السلطان يخبره بما فعل وأنك تسير في هذا الوقت إلى حلب فإنها خالية من العسكر المصري ، وأما عسكر حلب فمن أطاعنا أبقيناه.
مجيء السلطان سليم إلى حلب
واستقبال الأهالي له في الميدان الأخضر
قال القطبي في تاريخ مكة بعد ذكره للواقعة المتقدمة : لما أقبلت رايات السلطان سليم إلى حلب خرج أهلها إلى لقائه بالمصاحف والأعلام وهم يجهرون بالتسبيح والتكبير ويقرؤون (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) وطلبوا منه الأمان والتسليم فأجابهم إلى القبول لطفا وكرما وقابلهم بالإجلال والإكرام وأفرغ على كواهلهم خلع اللطف والإنعام وتصدق بأنواع الصدقات على الخاص والعام.
قال ابن إياس : لما وصل السلطان سليم إلى الميدان الذي في حلب أقام فيه ، ولما كان فيه توجه إليه أمير المؤمنين المتوكل على الله والقضاة الثلاثة وهم قاضي القضاة الشافعي كمال الدين الطويل وقاضي القضاة محيي الدين الدميري المالكي وقاضي القضاة شهاب الدين